و المقصود من القوّة العاملة، هو العقل
العملي بشهادة أنّه تعرّض بعد ذلك لبيان مراتب قوى النفس و ذكر أنّ العقل العملي
هو المدبّر للقوى البدنية و الرابط بين العقل النظري و قوى النفس الحيوانية و
الطبيعية، و ذكر أيضا أنّ الفضائل الخلقية تنشأ من تلك القوّة. 1
و هذا هو مختار صاحب المحاكمات في
تعاليقه على شرح الإشارات، و المحقّق النراقي في جامع السعادات. 2
و يمكن الجمع بين كلامي الشيخ بأن يقال:
إنّ العقل العملي ذو شأنين و مقامين: أحدهما التعقّل و الإدراك، و الثاني: التحريك
و العمل، و بعبارة أخرى: له شأن التقنين، و شأن الإجراء و الإشراف على العمل،
فكلامه في النجاة و الشفاء 3ناظر إلى المقام الثاني، و في عباراته شواهد على هذا،
حيث ذكر أنّ القوة العاملة في تدبير البدن و القوى البدنية تستعين بذاته، و تستعين
أيضا بالقوى الحيوانية النزوعية و المتخيلة و المتوهمة، فقال:
«و لها اعتبار بالقياس إلى القوّة
الحيوانية النزوعية، و اعتبار بالقياس إلى القوة الحيوانية المتخيلة و المتوهّمة،
و اعتبار بالقياس إلى نفسها.
و قياسها إلى القوّة الحيوانية النزوعية
أن تحدث فيها هيئات تخصّ الإنسان تتهيّأ بها لسرعة فعل و انفعال مثل الخجل و
الحياء و الضحك و البكاء و ما أشبه ذلك.
و قياسها إلى القوّة الحيوانية المتخيلة
و المتوهمة هو أن يستعملها في استنباط التدابير في الأمور الكائنة و الفاسدة، و
استنباط الصناعات الإنسانية.