القاعدة فصرّحوا بها و جعلوها مبدأ
لإثبات مسائل كثيرة، كوجوب معرفة اللّه تعالى على العباد، و وجوب اللّطف و الأصلح
على اللّه سبحانه، و لزوم الغاية لأفعاله سبحانه و غيرها من المسائل، يقول
الشهرستاني-فيما يحكي آراء أبي الهذيل المعتزلي (المتوفّى عام 235 ه) -: «السابع
قوله في المكلّف قبل ورود السمع: أنّه يجب عليه أن يعرف اللّه تعالى بالدليل، و
يعلم أيضا حسن الحسن و قبح القبيح، فيجب عليه الإقدام على الحسن كالصدق و العدل، و
الإعراض عن القبيح كالكذب و الجور» . 1
و قال-عند نقل آراء النظام المعتزلي
(المتوفّى عام 231 ه) -: «و قال بتحسين العقل و تقبيحه في جميع ما يتصرّف فيه من
أفعال» . 2
و نظيره ما حكاه عن ثمامة بن أشرس
(المتوفّى عام 213 ه) . 3
و قال في موضع آخر: «و اتّفقوا على أنّ
أصول المعرفة و شكر النعمة واجبة قبل ورود السمع، و الحسن و القبح يجب معرفتهما
بالعقل و اعتناق الحسن و اجتناب القبيح واجب كذلك، و ورود التكاليف ألطاف للباري
تعالى» . 4
فاتّضح ممّا تقدّم أنّ القاعدة وقعت في
ساحة الأبحاث الكلامية عند العدلية و فسّرت كثير من المسائل على ضوئها، فصارت من
أهم المسائل في علم الكلام، و ذلك من أوائل القرن الثالث إلى أواسطه، و الجناح
المخالف للعدلية آنذاك لم يكن إلاّ أهل الحديث من أهل السنّة، و هم لم يكونوا من
أهل البحث و الجدال الكلامي، بل يرون ذلك بدعة، و على هذا لم يحدث نزاع كلامي في
مسألة الحسن و القبح العقليّين، حتى عدل الشيخ الأشعري عن مكتب الاعتزال و قام