هو التكليف، و إلى هذا أشار المحقّق
الطوسي بقوله: «و (التكليف) واجب لزجره عن القبائح» . 1
و قد يقال: إنّ التكليف متى صحّ و حسن
وجب، فلا واسطة بين حالتي الوجوب و القبح، لأنّ المكلّف إذا تكاملت شروط التكليف
فيه، وجب تكليفه، و مع انتفاء بعضها يكون التكليف قبيحا» . 2
4. حسن البعثة و وجوبها
لم يقدح في حسن البعثة ممّن يعتقد
بالصانع تعالى من أصحاب المقالات و الفرق إلاّ البراهمة، و هم قوم من الهند يثبتون
الصانع و يقرّون بالتوحيد و طرف من العدل لكنّهم ينكرون النبوّات و الشرائع و لهم
في ذلك شبهات أجيب عنها في كتب الكلام، و لا يسع المقام البحث عنها.
و القول بحسن البعثة لا ينفك عن
الاعتقاد بوجوبها كما تقدم في الملازمة بين حسن التكليف و وجوبه، و قد ذكروا في
حسن البعثة و وجوبها وجوها عمدتها تعليم الناس جهات المصالح و المفاسد في أفعالهم،
و إرشادهم إلى طريق السعادة و الفلاح، و إقامة القسط بين الناس، قال سبحانه: هُوَ
اَلَّذِي بَعَثَ فِي اَلْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ
آيٰاتِهِ وَ يُزَكِّيهِمْ وَ يُعَلِّمُهُمُ اَلْكِتٰابَ وَ اَلْحِكْمَةَ
وَ إِنْ كٰانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلاٰلٍ مُبِينٍ (الجمعة/2 .
و قال سبحانه: لَقَدْ أَرْسَلْنٰا
رُسُلَنٰا بِالْبَيِّنٰاتِ وَ أَنْزَلْنٰا مَعَهُمُ
اَلْكِتٰابَ وَ اَلْمِيزٰانَ لِيَقُومَ اَلنّٰاسُ بِالْقِسْطِ
(الحديد/25 .
و قد استدلّ الإمام الصادق عليه السّلام
على وجوب البعثة على ضوء حكمته تعالى،
[1] راجع كشف المراد، المقصد الثالث،
الفصل الثالث، المسألة الحادية عشر، و المنقذ من التقليد، ج 1، ص 252، و قواعد
المرام، مكتبة المرعشي، ص 115، و إرشاد الطالبين، ص 273.
[2] الذخيرة للسيد المرتضى، ص 110،
مؤسسة النشر الإسلامي.