قال السيد المرتضى: «الوجه في حسن
التكليف أنّه تعريض لمنزلة عالية لا تنال إلاّ به و التعريض للشيء في حكمه، و معنى
ذلك أنّ أحدنا إذا حسن منه التوصل إلى بعض الأمور حسن من غيره أن يعرضه له.
و التعريض هو تصيير المعرض بحيث يتمكّن
من الوصول إلى ما عرض له، و إنّما قلنا: منزلة الثواب لا تنال إلاّ بالأفعال التي
تناولها التكليف لأنّ الابتداء بالثواب و الاستحقاق قبيح لمقارنة التعظيم له، و
قبح التعظيم المبتدأ معلوم، و ليس يستحق الثواب إلاّ بهذه الأفعال التي تعلّق به
التكليف فثبت ما قصدناه.
و إنّما قلنا في التكليف انّه تعريض
للثواب، لأنّه لو لم يكن كذلك لما كان حسنا، لأنّه إن خلا من غرض كان عبثا، و إن
كان لغرض فيه المضرة كان قبيحا، فلا بدّ من أن يكون تعريضا للنفع، و لا يجوز أن
يريد به نفعا لا يستحقّ به و لا يوصل به إليه، فيجب أن يكون الغرض وصوله إلى
الثواب المستحق بهذه الأفعال. 1
و استشكل بأنّ التفضّل بالثواب ليس
بقبيح، كما تفضّل بما لا يحصى من النعم في الدنيا، و إن سلّم قبحه، فيمكن التعريض
له بدون هذه المشاقّ، إذ ليس الثواب على قدر المشقّة و عوضا، ألا ترى أنّ في
التلفّظ بكلمة الشهادة من الثواب ما ليس في كثير من العبادات الشاقة؟ و كذا الكلمة
المتضمّنة لانجاء نبيّ أو تمهيد قاعدة خير أو دفع شرّ عام، ثمّ إنّه معارض بما فيه
من تعريض الكافر و الفاسق للعذاب» . 2
يلاحظ عليه: أنّ الثواب و إن كان تفضّلا
منه سبحانه و ليس لأحد حقّ عليه تعالى بالأصالة، إلاّ أنّ الكلام في أنّ هذا
التفضل ملازم للتعظيم فلا يستحسن إلاّ للمستحق له، و قياسه بالنعم في الدنيا غير
صحيح لأنّ نعم الدنيا يكون