التكليف مأخوذ من الكلفة و هي المشقّة،
هذا في اللّغة، و أمّا في الاصطلاح فذكروا له تعاريف أحسنها: انّه بعث من تجب
طاعته ابتداء على ما فيه كلفة و مشقة 1، فبقيد الابتداء خرج مثل بعث الوالد ولده
على الصّلاة.
و متعلّقه إمّا اعتقاد و إمّا عمل، و
الاعتقاد قد يكون عقليا محضا نحو الاعتقاد بوجود اللّه تعالى و كونه قادرا عالما
حكيما ممّا يتوقف السمع عليها، و قد يكون سمعيا نحو التكاليف السمعية، كالاعتقاد
بسؤال القبر، و الميزان و الصراط من الأمور المتعلقة بالبرزخ و المعاد، و أمّا
العمل فقد يكون عقليا كردّ الوديعة و شكر المنعم و برّ الوالدين و ترك الظلم و
الكذب، و قد يكون سمعيا، كالصلاة و الزكاة و غيرهما من الفروع العملية.
و المشهور قسّموا التكليف الاعتقادي
بالعلم و الظن و مثّلوا له بظن القبلة، و نحوه، و الحقّ-كما نبّه عليه المحقّق
الشعراني في شرحه على تجريد الاعتقاد- أنّ الظن ليس مطلوبا إلاّ للعمل فلا يكون من
قسم التكاليف الاعتقادية التي يكون المطلوب فيها هو الاعتقاد.
و لا خلاف في حسنه لأنّه فعله تعالى و
لا يفعل إلاّ ما هو حسن، و أمّا وجه حسنه فعند العدلية هو تعريض المكلّفين للثواب،
و هو منفعة عظيمة خالصة دائمة واصلة مع التعظيم و المدح، و لا شكّ أنّ التعظيم
إنّما يحسن للمستحق له، و من هنا يستقبح تعظيم الجاهل مثل تعظيم العالم، و إنّما
يستحقّ التعظيم بالأفعال الحسنة و هي الطاعات، و هي متفرّعة على التكليف.
[1] نوقض بمثل نكاح الحليلة و أكل لحم
الهدي و الأضحية ممّا يشتهيه طبع الإنسان و أيضا بما لا مشقّة فيه كتسبيحة واحدة،
فالأولى أن يقال: هو بعث واجب الطاعة ابتداء على ما شأنه المشقّة جنسا من حيث هو
مشقّة كذلك. إرشاد الطالبين للفاضل المقداد، ص 272، مكتبة المرعشي، قم.