يكن بينهما مناسبة لم يكن بأن يدعو إليه
أولى منه بأن يدعو إلى غيره» 1، و إلى هذا أشار المحقّق الطوسي في تجريد العقائد،
بقوله: «و لا بدّ من المناسبة و إلاّ ترجّح بلا مرجّح بالنسبة إلى المنتسبين» .
4. يجب معرفة المكلّف باللطف و
المناسبة، إذ الداعوية متفرّعة على العلم، و يكفي المعرفة إجمالا بأن
يعرف-مثلا-أنّ المصائب الواقعة عليه لطف من اللّه تعالى في الجملة. و في ذلك يقول
شيخ الطائفة: «و يجب أن يكون اللطف معلوما على الوجه الذي هو لطف فيه، لأنّه داع
إلى الفعل فهو كسائر الدواعي» 2و إليه أشار المحقّق الطوسي في تجريده بقوله: «و
يعلم المكلّف اللطف إجمالا أو تفصيلا» .
موقف المتكلّمين من قاعدة اللطف
موقف أكثر القائلين بالتحسين و التقبيح
العقليين في مجال قاعدة اللطف هو موقف الإثبات و لم يعرف من مشاهير الإمامية في
علم الكلام خلاف في ذلك، كما أنّ الأكثرية الساحقة من المعتزلة التزموا بها حتى
عدّ ذلك من سمات مذهبهم. و إنّما حكي الخلاف عن رجلين، هما بشر بن معتمر (المتوفّى
210 ه. ق) و جعفر بن حرب (المتوفّى عام 236 ه. ق) و كلاهما من معتزلة بغداد و
قيل إنّهما رجعا إلى الإثبات، و لبشر بن معتمر كلام سنبحث عنه عند البحث عن أدلّة
المخالفين.
و الأشعرية أنكروا القاعدة كما أنكروا
قاعدة التحسين و التقبيح العقليين و تلك أصل لهذه، يقول القاضي عبد الجبار: «إنّ
اللطف إذا كان لا يرجع إلاّ إلى ما يختاره المرء عنده فعلا أو تركا، و القوم قد
أبطلوا القول بالاختيار رأسا، فلم يكن
[1] الذخيرة، ص 187، و لاحظ أيضا
الاقتصاد للشيخ الطوسي، ص 77.