قبول خبر
الثقات من الفِرَق الباطلة، كالواقفية و الفطحية: «إنّ ما يرويه هؤلاء يَجوز العمل
به إذا كانوا ثقات في النقل- و إن كانوا مخطِئين في الاعتقاد- إذا عُلم من
اعتقادهم تمسّكهم بالدين و تحرُّجهم من الكذب و وضع الأحاديث، و هذه كانت طريقة
جماعةٍ عاصروا الأئمة عليهم السلام، نحو: عبداللَّه بن بكير، و سماعة بن مهران، و
نحو بني فضّال من المتأخرين عنهم، و بني سماعة و من شاكلهم. فإذا علمنا أنّ هؤلاء
الذين أشرنا إليهم، و إن كانوا مخطئين في الاعتقاد من القول بالوقف و غير ذلك،
كانوا ثقاتٍ في النقل، فما يكون طريقه هؤلاء جاز العمل به».[1]
و
قال في علاج الأخبار المتعارضة: «فأمّا من كان مخطئاً في بعض الأفعال، أو فاسقاً
في أفعال الجوارح، و كان ثقة في روايته متحرّزاً فيها، فانّ ذلك لا يوجب ردَّ خبره
و يجوز العمل به، لأنّ العدالة المطلوبة في الرواية حاصلة فيه، و إنّما الفسق
بأفعال الجوارح يمنع من قبول شهادته، و ليس بمانع من قبول خبره، و لأجل ذلك قبلت
الطائفة أخبار جماعة هذه صفتهم».[2]
مقتضى
التحقيق هذا القول الثاني؛ و ذلك لأنّ المستفاد من الأدلة- سواءٌ كانت هي الأدلّة
اللفظية أو بناء العقلاء- حجية خبر الثقة، لا خصوص خبر العدل بمعناه الخاص. و قد
أشرنا إلى وجه ذلك في كتابنا (مقياس الرواية)، عند البحث عن انجبار ضعف الخبر بعمل
المشهور. و كذا في أوائل هذا الكتاب.
و
لا فرق في مدلول أدلّة حجية خبر الثقة بين الأحكام و الموضوعات، و لا بين أنحاء
الموضوعات من الجرح و التعديل و تزكية الرواة أو إخبارهم