إنّ
علماء الرجال قد ذكروا أمارات للجرح و التعديل، و أيضاً استعملوا ألفاظاً في
التزكية و التعديل و في الجرح و التضعيف. و قد وقع الخلاف في دليلية تلك الأمارات
و صلاحيتها لاثبات الجرح و التعديل. و كذا وقع الخلاف في ألفاظ الجرح والتعديل من
جهة الاختلاف في مدلولها. و نحن نعقد البحث في مقامين. الأوّل: في الامور التي وقع
الكلام في أماريتها و دليليتها لاثبات العدالة و الوثاقة و المدح و الفسق. الثاني:
في ألفاظ الجرح و التعديل.
قبل
الشروع في أصل البحث ينبغي تمهيد مقدّمتين:
الاولى: في
أنّ الوثاقة هل تعتبر في الراوي حين أداء الحديث أو وقت التحمل. و قد سبق البحث عن
ذلك في كتابنا (مقياس الرواية) في بيان شرائط تحمل الحديث و نقله. و أثبتنا هناك
أنّ المعيار ثبوت الوثاقة حين أداء الحديث و نقله لا وقت التحمّل.
الثانية: في
المعنى المراد من العدالة و الوثاقة في اصطلاح الرجاليين، أما العدالة فقد بحثنا
عنها في مبحث تنويع الحديث، من كتابنا (مقياس الرواية).
و
حاصل الكلام في ذلك: أنّ المعنى المقصود من العدالة في اصطلاح علم الرجال معناه
المصطلح في الفقه، و هو محلّ اختلاف. و قلنا هناك: إنّ المرتكز منها في أذهان
المتشرعة هي الملكة النفسانية الرادعة عن ارتكاب الكبائر و