وإنّما
المهمّ في المقام إعطاء الضابطة لبيان الفرق بين العلّة والحكمة.
وقد
فرّق المحقّق النائيني قدس سره بينهما بأنّ العلّة إذا كانت واسطة في عروض الحكم
على الموضوع يسري الحكم إلى كلّ موردٍ ثبتت فيه تلك العلّة، كما لو ورد «لا تشرب
الخمر، لأنّه مسكر». وأمّا إذا كانت العلّة واسطة في ثبوت الحكم للموضوع ومن قبيل
الدواعي، من دون دخل لها في الموضوع، يقتصر على مورده، كما لو قال: «لا تشرب الخمر
لإسكاره»، نظراً إلى ظهور الإضافة في كون علّة التحريم خصوص إسكار الخمر، لا مطلق
الإسكار.
قال
قدس سره: «إذا كانت علّة الحكم منصوصة، ونعني به ما كانت العلّة المذكورة فيه
واسطة في العروض[1] لثبوت
الحكم للموضوع المذكور في القضية، بأن يكون الموضوع الحقيقي هو العنوان المذكور في
التعليل ويكون ثبوته للموضوع المذكور من جهة انطباق ذلك العنوان عليه، كما في قضية
«لا تشرب الخمر فإنّه مسكر»، فإنّها ظاهرة في أنّ موضوع الحرمة فيها إنّما هو
عنوان المسكر، وحرمة الخمر إنّما
[1] - توضيح ذلك: أنّ العرض تارةً: يكون عارضاً للشيء
بلا واسطة أصلًا، لا في الثبوت ولا فيالعروض، بل بمجرّد اقتضاء الذات، كالزوجية
للأربعة والحيوانية والنطق للإنسان. واخرى: يكون عارضاً مع الواسطة، وهي إمّا
الواسطة في الثبوت: بأن كان عارضاً للشيء حقيقةً وكان ذلك الشيء معروضه الحقيقي
كعروض التكلّم للإنسان بواسطة النطق وعروض الحركة للحيوان بواسطة المشي أو الضحك
العارض للإنسان بواسطة التعجّب ونحو ذلك، وإمّا هي الواسطة في العروض: بأن لا يكون
العارض عارضاً للشيء حقيقة، بل هو عارض لغيره واقعاً، وإنّما ينسب إلى الشيء
مجازاً لعلاقة بينه وبين معروضه الحقيقي، كالجري العارض للميزاب في قولنا« جرى
الميزاب» بواسطة الماء.