و بعد
إشارته إلى أهداف النهضة الحسينية الخالدة- في العبودية للّه وحده و اجتناب عبادة
الطواغيت، و إقامة السنّة و إماتة البدعة، و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، و
طلب الإصلاح الجذري في حياة المجتمع، و إحقاق الحقوق فيه، و الدفاع عن مبدأ
الإمامة الشرعية الّتي هي نظم الأمّة و وحدتها- بيّن فلسفة العزاء الحسيني من خلال
بيان قاعدة تعظيم الشعائر، و النظرة الفقهيّة إلى عزاء الحسين عليه السّلام، و
إقامة المآتم و المسيرات و مظاهر الحزن، و إنشاد الشعر، و البكاء و الإبكاء، و
الجزع و الندبة و اللطم على الصدور و رفع الرايات و الأعلام السوداء ...
و سائر معالم العزاء و مظاهره
غير المنافية.
كما و تعرّض إلى ما هو يوهن
الإسلام العزيز و المذهب الحقّ من الأساليب الّتي يعتمدها البعض تعبيرا عن مشاعر
حزنه و أساه المفرط و الّتي هي إن لم تك محرّمة فهي مخالفة للاحتياط و الّذي
يستغلّها أعداء الدين و المنهج القويم لضرب صميم الإسلام الأصيل و وصمه بالوحشية و
القسوة، و الإرهاب و الإرعاب، و التفاهة و الخرافة ...
و على كلّ حال فالكتاب هو
محاولة مخلصة جادّة لبيان الطرق العلمية الفقهية لإثبات استحباب إقامة العزاء
الحسيني، و ذلك من خلال الدراسة الموضوعية و التحقيق فيما ورد من النصوص المتواترة
في أهمّية ذلك و ما وعد عليه من الأجر الجزيل. كما هو يتكفّل بيان مقتضى الفنّ
التحقيقي الفقهي لمعارضات هذه النصوص و الجمع بينها.
و مؤسّستنا- إذ تبارك للمؤلّف
جهده القيّم و سعيه المخلص في الذبّ عن الأصالة و رفض الضلالة و تطالبه و إخوة
دربه من العلماء و المحقّقين بالمزيد ممّا يرفع في الأمّة وعيها و ثقافتها و
يسلّحها بما يصدّ عنها عادية الغاشمين- قامت بضبط نصوصه و إخراجه و طبعه و نشره
لتعمّ فائدته، و اللّه هو وليّ التوفيق و التسديد، و الحمد للّه ربّ العالمين، و
صلّى اللّه على محمّد المصطفى و آله الطاهرين و أصحابه الخيّرين.
مؤسّسة النشر الإسلامي
التابعة لجماعة المدرّسين بقم المشرّفة