الحمد للّه أهل الحمد و
الثناء الواحد الأحدي في الأزل و البقاء ربّنا الصمديّ المقصود في السرّاء و
الضرّاء، و صلّى اللّه على محمّد خاتم الأنبياء و سيّد السفراء، و على آله
الأوصياء النجباء.
و بعد، فإنّ ظاهرة العزاء بين
الأمم و الشعوب قديما و حديثا ظاهرة طبيعية رافقت الإنسان الأوّل و ظلّت ترافقه
إلى يومنا هذا، و ستبقى ترافقه حتّى يقبر آخر إنسان على سطح هذا الكوكب من حيث
كونها تعبير صادق عن مكنونات النفوس البشرية و ما يجيش فيها من المشاعر و الأحاسيس
المجلّية لحقيقة «أنّ الإنسان حيوان اجتماعي في الطبع» و أنه مرتبط في أعماقه
ارتباطا وثيقا بأخيه الإنسان و يتفاعل معه على أيّ حال و بأشكال و صور مختلفة حيّا
و ميّتا، و تزداد نسبة التأثّر و التأثير بينهما طردا حسب القرب و البعد المعنوي
الروحي و السايكلوجي.
و ظاهرة العزاء على الأنبياء
و الأوصياء و العظماء و الأعزّاء هي من ذلك الخزين الكامن في ثنايا الروح البشرية
النابضة في الحياة، لا الّتي قست و جفت و مات إحساسها و طفئت جذوة مشاعرها.
أمّا تنوّع صور التعبير
فإنّها تعود لنوعية انطلاقتها الأيدولوجية و العقائدية الخاصّة بها. و الكتاب
الّذي بين يديك عزيزنا القارئ الكريم الموسوم ب «دليل الهدى في فقه العزاء» هو
محاولة علمية موفّقة مباركة تسهم من خلال البعد الفقهي و التشريعي لإحياء الشعائر
الحقّة الّتي هي بدورها إسهام ثقافيّ عاطفي جيّاش في صدور الجماهير لإحياء الإسلام
المظلوم و المقصي عن الحكم و قيادة الحياة.
و قد عالج فيه مؤلّفه سماحة
الشيخ علي أكبر السيفي المازندرانيّ زيد عزّه و توفيقه مباحث الحكم الفتوائي و
الحكم الحكومي الولائي ليكشف بعد ذلك عن الموقف الشرعي من ظاهرة العزاء بشكل عامّ
و عزاء الحسين عليه السّلام بشكل خاصّ.
ليردّ بذلك على تخرّص
الوهّابيّين و وسوسة الموسوسين في مآتم سيّد النبيّين و عترته الهداة المطهّرين
عليهم أفضل صلوات المصلّين.