و أما اصول الاعتقادات فهي الاصول العقلية و
البراهين المستدل بها لمسائل عقلية مثل إثبات
الصانع و التوحيد و صفات الباري و أصل
النبوة و المعاد. و إنّما عبّر عنها باصول الاعتقادات لوجهين:
أحدهما: ابتنائها على حكم العقل البديهي و انتهاء جميع العقائد
الدينية التوقيفية إليها؛ لأنّ التعبّد و التوقيف بأيّ أصل اعتقادي أو عملي
لا معنى له إلّافي ضوءِ حكم العقل المستقل بأصل إثبات الصانع و
التوحيد و النبوة.
و من هنا تكون الاعتقادات العقلية المزبورة جذوراً و اصولًا لجميع
العقائد الدينية، بل اصولًا للدين نفسه، و ساير العقائد الدينية فروعاً؛
نظراً إلى تفرّعها على تلك الاصول.
ثانيهما: دوران الدخول في الدين و الخروج عنه مدار القبول أو إنكار
هذه الاصول؛ حيث إنّ باقرارها و الالتزام القلبي بها يتحقق الاسلام و
الايمان بالدين و يصير الانسان بذلك مسلماً مؤمناً، و بانكار واحد منها
يخرج عن الاسلام و يصير مرتداً كافراً، بل إنّما يصير منكر
الضروريات التوقيفية مرتداً بملاك رجوع إنكارها إلى إنكار أصل
الرسالة أو إنكار اللَّه تعالى فيصح أن نقول: إنّ الدخول و الخروج عن
الدين يدوران مدارها، فهي اصول الدين بهذا الاعتبار. هذا في اصول
الدين، و كذلك الأمر في اصول المذهب.
و لا منافاة بين التوجيهين و إن كان التوجيه الأوّل هو الأنسب إلى
التعبير بالأصل.