منها: ما عن العلامة أيضاً بقوله: «و لو فرض كثرة
الأرباب المدبّرين لأمر العالم، كما يقول به الوثنية،
أدّى ذلك إلى المحال من جهة أخرى و هي فساد النظام».
بيان ذلك: أن الكثرة لاتتحقق إلّابالآحاد. و الآحاد لا تتحقّق، إلّامع
تميّز بعضها عن بعض. و لا يتمّ التميّز إلّاباشتمال كل واحد من آحاد
الكثرة على جهة ذاتية يفقدها الواحد الآخر، فيغاير بذلك الآخر، و
يتمايزان. كلّ ذلك بالضرورة.
و السنخية بين الفاعل و فعله تقضي ظهور المغايرة بين الفعلين
حسب ما بين الفاعلين. فلو كان هناك أرباب متفرّقون- سواءٌ اجتمعوا
على فعل واحد أو كان لكل جهة من جهات النظام العالمي العام، ربٌ
مستقل في ربوبيته، كربِّ السماء و الأرض و ربّ الانسان و غير ذلك-،
أدّى ذلك إلى فساد النظام. و التلازم المستمر بين أجزاءِه يدفعه.
ثم أشكل بقوله: فهب أن الأرباب المفروضين متكثرة الذوات و
متغايرتها. و يؤدّي ذلك بالطبع إلى اختلاف الأفعال و تدافعها، لكن من
الجائز أن يتواطؤوا على التسالم، و هم عقلاءٌ يتوافقوا على التلائم؛
رعايةً لمصلحة النظام الواحد و تحفُّظاً على بقائه.
فأجاب بأنّه: لا ريب في أنّ العلوم التي يبني عليها العقلاءُ اعمالَهم
صور علمية و قوانين كلية مأخوذة من النظام الخارجي الجاري في