و للسيّد
الماتن قدس سره كلام جامع و تحقيق دقيق حول مفاد هذه الآية لم يسبقه إلى مثله
أحدٌ، و نحرّر كلامه في ضمن المطالب التالية إن شاء اللَّه:
بيان
الاحتمالات في الآية
إنّ
في مدلول الآية المزبورة المبحوث عنها في المقام، أربعة احتمالات: أوّلها: أن يكون
الأمر بالاختبار حتّى زمان البلوغ مطلقاً؛ سواء كان بالاحتلام، أو غيره، نظير
قولهم: «أكلت السمكة حتّى رأسَها» و عليه فالمقصود هو الأمر بالاختبار من وقت
يحتمل الرشد في اليتامى؛ قبل البلوغ، و بعد ما حان وقته؛ بحيث يكون زمانا اليتم و
البلوغ داخلين في الاختبار، و حينئذٍ فإيناس الرشد في كلا الزمانين موضوع لحكم ردّ
المال إلى الصبيّ و صحّة معاملاته؛ سواء كان قبل البلوغ، أو بعده. و إنّما ذكر حال
البلوغ؛ لدفع توهّم اختصاص الاختبار بغير البالغ و عدم حاجة البالغ- بالسنّ، أو
الاحتلام، أو إنبات الشعر- إلى الاختبار؛ و وجوب دفع المال إليه حتّى مع عدم رشده،
فلأجل دفع هذا التوهّم، أدخل حال البلوغ فيما قبل البلوغ بقوله تعالى:
«حَتَّى إِذا بَلَغُوا النِّكاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا
إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ». ثانيها: أن تكون الغاية خارجة عن
المغيّا، كقوله تعالى: «كُلُوا وَ اشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ
لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ ...» فيكون الاختبار من زمان يحتمل فيه
الرشد إلى زمان انقطاع اليتم؛ و هو أوّل آن البلوغ، و لازمه أن يكون رشد الصبيّ
قبل حصول بلوغه، موضوعاً مستقلّاً لصحّة معاملاته، و يكون البلوغ موضوعاً آخر
مستقلّاً لصحّتها؛ من غير احتياج إلى الاختبار، بل و لو مع عدم الرشد.