أما
بالنسبة إلى الموضع الأوّل فلا إشكال في إجزاء كل أمر عن نفسه، لاستقلال العقل
بذلك، إذ مع حصول متعلق الأمر يلزم سقوط ذلك الأمر، و إلّا كان ذلك خلف كون
المتعلق متعلقا، فإن لازم كون الشيء متعلقا للأمر سقوطه بتحقّقه.
نعم
مع تحقق المتعلق يمكن تبديل الامتثال بفرد آخر فيما إذا كان الامتثال علة لتحقق
الغرض الأدنى دون الأقصى، فإن الامتثال تارة يكون علة لتحقق الغرض الأدنى دون
الأقصى و أخرى يكون علة لتحقق الغرض الأقصى.
مثال
الأوّل: ما إذا أمر المولى عبده باتيان الماء ليشربه فأتاه به و لكنه لم يشربه، بل
بقي أمامه لفترة، فإنه يحقّ للعبد في مثله تبديل ذلك الماء بماء آخر، لأن الشرب ما
دام لم يتحقق فذلك يعني أن الغرض لم يتحقق، و إذا لم يتحقق الغرض فالأمر بروحه و
حقيقته يكون باقيا، إذ لو سقط رغم ثبوت الملاك يلزم أن لا يكون الملاك محدثا للأمر
من البداية، و حيث إنه يحدثه فيلزم أن يكون باقيا ما دام هو- الملاك- باقيا.
و
مما يدل على بقاء الأمر- ما دام الملاك باقيا- إن الماء لو اريق فيلزم العبد
الاتيان بماء جديد، و ليس ذلك إلّا لبقاء الأمر بحقيقته و روحه.
و
مثال الثاني: ما إذا أمر المولى عبده بصبّ الماء في فمه و فعل- العبد- ذلك، و في
مثله لا يمكن تبديل الامتثال لعدم بقاء الأمر بروحه بعد تحقق الغرض الأقصى.