1-
إننا نقطع بعدم وجود أمرين في باب الصلاة بل و في جميع العبادات و إنما الثابت أمر
واحد كما هو الحال في التوصليات، فكما أنه لا يوجد في التوصليات إلّا أمر واحد
فكذلك في العبادات، أجل إن كان هناك فارق بين التوصليات و العبادات فهو من هذه
الناحية، و هي أنه في العبادات يدور الثواب مدار قصد الامتثال، و العقاب يدور مدار
عدم قصد الامتثال، فمن قصد الامتثال بالصلاة اثيب، و من لا يقصد الامتثال بها
يعاقب حتّى لو أتى بذات الصلاة، فإن الاتيان بها من دون قصد الامتثال لا شيء، و
هذا بخلاف التوصليات، فإن الثواب يدور مدار قصد الامتثال، و أما العقاب فيدور مدار
ترك الفعل رأسا، فجواب السلام مثلا واجب توصلي، و إذا قصد به المكلف الامتثال كان
مثابا، و إذا لم يقصد به الامتثال لا يعاقب ما دام قد أتى به و إنما يعاقب لو ترك
ردّ السلام رأسا.
2-
إن وجود أمرين لا يرفع الإشكال، إذ نسأل السؤال التالي: إن المكلف لو أتى بذات
الصلاة من دون قصد الامتثال فهل يسقط الأمر الأوّل- الذي فرض تعلّقه بذات الصلاة-
أو لا؟
فإن
اجيب بالايجاب و حكم بسقوطه فلا تعود حاجة إلى الأمر الثاني آنذاك بل يكون ثبوته
لغوا، إذ بعد سقوط الأمر الأوّل لا يمكن آنذاك امتثال الأمر الثاني، أي الاتيان
بالصلاة بقصد امتثال الأمر الأوّل لفرض أنه قد سقط، فيكون اصدار الأمر الثاني و
تشريعه لغوا و بلا فائدة.
و
إن اجيب بالنفي و حكم بعدم سقوطه فنسأل: لما ذا لم يسقط الأمر الأوّل رغم تحقق
متعلقه؟ إنه لا وجه لذلك سوى عدم تحقق غرض المولى، فإنه مع عدم تحقق الغرض يلزم
بقاء الأمر و عدم سقوطه، إذ لو سقط الأمر رغم عدم تحقق الغرض يلزم عدم حدوث الأمر
من