و لعلّ
الوجه في جعله قدّس سرّه لهذه الثلاثة مؤيدات لا أدلة هو أن غاية ما اشتملت عليه
هو أن لفظ الأمر قد استعمل فيها في الوجوب، و من الواضح أن مجرد الاستعمال في معنى
لا يلازم وضعه له، و لعلّه استعمال بنحو المجاز.
ثمّ
تعرض قدّس سرّه بعد ذلك إلى ما يمكن أن يستدل به لوضع لفظ الأمر للطلب الأعم من
الوجوبي و الاستحبابي، و ذكر في هذا المجال ثلاثة وجوه هي:
1-
إن لفظ الأمر يقسّم إلى وجوب و ندب، حيث يقال: الأمر يدل إما على الوجوب أو
الاستحباب، و هذا يدل على وضعه للطلب الأعم و إلّا لزم عدم صحة تقسيمه إلى كليهما
و انحصر بالوجوب.
و
فيه: أن صحة تقسيمه اليهما يدل على أنه قد قصد منه حالة التقسيم معنى وسيع يشمل
الوجوب و الاستحباب و قد استعمل في ذلك، و لكن من الواضح أن الاستعمال لا يلازم
الوضع و الحقيقة.
2-
إن لفظ الأمر قد استعمل في النصوص الشريفة في الوجوب تارة و الاستحباب أخرى، و
الاحتمالات في ذلك ثلاثة:
أ-
أن يكون موضوعا لهذا بوضع مستقل، و لذاك بوضع مستقل آخر، و لازم هذا كونه مشتركا
لفظيا.
ب-
أن يكون موضوعا لهذا دون ذاك فيكون استعماله في هذا حقيقة و في ذاك مجازا.
ج-
أن يكون موضوعا للجامع بينهما، و هو أصل الطلب الكلي، فيكون لفظ الأمر بناء على
هذا مشتركا معنويا.
و
عند الدوران بين هذه الاحتمالات الثلاثة يكون الثالث هو الراجح، لأن المشترك
المعنوي أكثر و أغلب من المشترك اللفظي و من الحقيقة و المجاز، فإن أغلب الألفاظ
هي مشترك معنوي، كلفظ كتاب