هذا
الأمر معقود للردّ على صاحب الفصول أيضا، فإنه ذكر أن صحة حمل المشتق على الذات
تتوقف على شرط، و هو أن تكون الذات مغايرة لمبدأ المشتق، ففي قولنا: زيد ضارب يكون
مبدأ المشتق- و هو الضرب- مغايرا لزيد.
و
الوجه في اعتبار المغايرة المذكورة أنه لولاها يلزم تحقق الاتحاد فقط من دون
مغايرة، و نحن نعرف أن صحة الحمل تتوقف على الاتحاد من جهة و التغاير من جهة أخرى،
و لا يكفي الاتحاد وحده و إلّا كان الحمل حملا للشيء على نفسه.
ثمّ
رتّب قدّس سرّه على ذلك- أي على اعتبار المغايرة بين الذات و المبدأ- عدم صحة حمل
صفاته عزّ و جل على ذاته المقدسة إلّا بالالتزام بالنقل أو المجازية، فحينما نقول:
اللّه عالم يلزم عدم صحة الحمل المذكور بنحو الحقيقة، لأن العلم- الذي هو المبدأ-
لا يغاير الذات المقدسة بل هو عينها خارجا، فإن صفاته عزّ و جل عين ذاته و إلّا
يلزم تعدد القدماء و حاجة الذات المقدسة إلى غيرها تعالى عن ذلك علوا كبيرا.