لا أنه يدل بذاته على ذلك، و مما يشهد بما نقول
حكمهم بأن استعمال اسم الفاعل بلحاظ الاستقبال مجاز- كما لو قلت: زيد ضارب و كان
مقصودك حمل الضارب عليه الآن لأجل صدور الضرب منه في الاستقبال- فلو كان اسم
الفاعل يدل على زمان الاستقبال لم يكن الاستعمال المذكور مجازا لأنه استعمال فيما
وضع له بعد فرض دلالة اسم الفاعل على الاستقبال.
إن قلت: إنك ذكرت لحدّ الآن شاهدين على إثبات كون المراد من الحال ليس هو
زمان الحال، و الآن نحن نذكر شاهدين أيضا لإثبات كون المراد هو زمان الحال، و
الشاهدان هما:
1- إن كلمة حال ظاهرة في نفسها في زمان الحال، فأينما استعملت كلمة الحال
فهي ظاهرة في زمان الحال.
2- إن كلمة ضارب و نحوها من المشتقات ظاهرة في إرادة الضارب في زمان
الحال، و ذلك لأحد تقريبين:
أ- إن المنسبق إلى الأذهان و المنصرف إليها من مثل كلمة ضارب في قولنا:
زيد ضارب أنه ضارب الآن، أي في زمان الحال.
ب- إن مقتضى مقدمات الحكمة في مثل كلمة ضارب في قولنا:
زيد ضارب أنه ضارب الآن، إذ لو كان المقصود أنه ضارب أمس أو غدا لقيّد
بذلك، و عدم التقييد بذلك يدل على أنه ضارب الآن.
و الفرق بين هذا التقريب و سابقه أن السابق ناظر إلى دعوى الانصراف بينما
هذا ناظر إلى مقدمات الحكمة، كما أن الفرق بين الشاهد الأوّل و الثاني هو أن
الأوّل ناظر إلى كلمة الحال بينما الثاني ناظر إلى المشتق، مثل كلمة ضارب و ليس
إلى كلمة الحال.