«و
قد انقدح بما ذكرنا أن تمايز العلوم ...، إلى قوله: ثمّ إنه ربما لا يكون لموضوع
العلم.»
النقطة
الثالثة: تمايز العلوم:
هذا
تعرّض إلى النقطة الثالثة: و يراد فيها بيان ما به يحصل تمايز العلوم، فهل امتياز
بعض العلوم عن بعضها الآخر هو بسبب اختلاف موضوعاتها أو هو بسبب اختلاف محمولاتها؟
قد
يقال: إنه باختلاف الموضوعات، فعلم النحو يمتاز عن علم الفقه مثلا من ناحية أن
موضوع الأوّل هو الكلمة و موضوع الثاني هو فعل المكلف.
و
قد يقال: إن ذلك بسبب اختلاف المحمولات، فلأجل أن المحمول على الكلمة في علم النحو
هو الرفع و النصب و نحوهما بينما المحمول على فعل المكلف هو الوجوب و الحرمة و
نحوهما امتاز أحدهما عن الآخر.
و
المصنف قدّس سرّه لا يرتضي كلا هذين و يقول: اتضح مما أشرنا إليه سابقا- حيث قال:
إن المسائل مجموعة قضايا تشترك في التأثير في غرض واحد لأجله دوّن العلم- أن التمايز
هو باختلاف الغرض، فمتى ما اختلف الغرض حسن تدوين علمين[1]
و امتاز أحدهما عن الآخر، و متى ما اتحد كان العلم واحدا و لم يحسن تعدد التدوين.
ثمّ
قال قدّس سرّه: و لو كان المدار على اختلاف الموضوع أو اختلاف المحمول يلزم عدّ كل
باب من أبواب العلم الواحد علما مستقلا، ففي
[1] إلّا مع الاتحاد في جميع المسائل فإنه قد تقدّم أنه
لا يحسن تعدد التدوين.