و أما مورد
الخلاف فهو أن من انقضى عنه التلبّس بالمبدإ و كان قد صدر منه الضرب في الزمان
الماضي دون الآن هل وضعت له هيئة ضارب أيضا أو لم توضع إلّا للمتلبّس في الحال؟
النقطة
الثانية: مقدمات البحث:
و
قبل الدخول في صميم البحث تنبغي الإشارة إلى عدة مقدمات:[1]
المقدمة
الأولى: ما هو المراد من المشتق في علم الأصول فهل هو يساوق المشتق في علم النحو؟
إن
المشتق الأصولي أخص من المشتق النحوي من جهة و أعم منه من جهة أخرى، و على هذا
فالنسبة بينهما هي العموم و الخصوص من وجه، فقد يجتمعان- كما هو الغالب- و قد
يتحقّق هذا دون ذاك، و ذاك دون هذا.
و
للتوضيح أكثر نقول: إن ضابط المشتق الأصولي هو أن يكون العنوان صادقا و جاريا- أي
محمولا- على الذات بسبب تلبّسها بالمبدإ و اتحادها معه، فمتى ما حمل عليها بحمل هو
هو، و كان حاكيا عن ذات متلبّسة بالمبدإ كان ذلك مشتقا أصوليا، و على سبيل المثال:
إن زيدا إذا تلبّس بالضرب و صدر منه انتزاع منه عنوان ضارب و صحّ حمله عليه آنذاك
بحمل هو هو فيقال: زيد هو ضارب، و الضارب هو زيد.
و
بناء على هذا تخرج الأفعال و المصادر من المشتق الأصولي، فإن الفعل لا يصح حمله
على الذات بحمل هو هو، فلا تقول: زيد هو
[1] التعبير بالمقدمات أولى من التعبير بالأمور، فإن
مبحث المشتق هو الأمر الثالث عشر فإذا عبّر هنا بالأمور يحصل الالتباس.