و قد استدل
على هذه الدعوى بأن المعاني ليست متناهية، و هذا بخلاف الألفاظ، فإنها متناهية
لأنها مركّبة من الحروف التي هي متناهية، و ما دامت الألفاظ متناهية و المعاني غير
متناهية فلأجل استيعاب الوضع لجميع المعاني يلزم أن نفترض تحقّق الاشتراك، بأن
توضع بعض الألفاظ لأكثر من معنى واحد حتّى يمكن استيعاب جميع المعاني بالوضع لها.
و
أجاب قدّس سرّه عن ذلك بأجوبة أربعة:
1-
أننا نسلّم الآن عدم تناهي المعاني و لكن نقول: إن الوضع لجميع تلك المعاني أمر
غير ممكن و إلّا يلزم تحقّق أوضاع غير متناهية من الإنسان الذي هو متناه.
و
بكلمة أخرى: إن الإنسان ما دام متناهيا فالأوضاع الصادرة منه لا بدّ أن تكون
متناهية، و هذا معناه أن قسما من المعاني يلزم أن يكون بلا وضع، و من ثمّ سوف لا
يكون الاشتراك أمرا لازما بعد افتراض أن قسما من المعاني يبقى بلا وضع.
2-
أنّا لو سلّمنا إمكان صدور الأوضاع غير المتناهية من الواضع- كما لو فرض أن الواضع
هو اللّه سبحانه- فنقول: إن الإنسان حيث إنه متناه فحاجته إلى المعاني لا بدّ أن
تكن بمقدار متناه، و معه يكون الوضع للقسم الباقي من المعاني الذي لا يستعمله
البشر لغوا، و إذا لم يلزم الوضع لقسم من المعاني فلا يلزم القول بالاشتراك لفرض
أنه لا حاجة إلى الوضع لجميعها.
3-
لا نسلّم أن المعاني غير متناهية، فإن المعاني الكلية متناهية و إن كانت مصاديقها
ليست متناهية، فالإنسان و الكتاب و الحجر و نحوها