ينفع في
تحقيق ما يراد منه، فإنه من خلال الاستصحاب الأوّل يراد إثبات حمل اللفظ على
المعنى الشرعي، و من الواضح أن ذلك مترتب على تأخر الاستعمال عن الوضع و ليس على
عدم تحقّق الاستعمال قبل الوضع،[1] نعم إذا لم
يستعمل اللفظ قبل وضعه فلازم ذلك أنه استعمل بعد أن تحقّق وضعه، و هذا اللازم حيث
إنه لازم عقلي و ليس شرعيا[2] فيكون
الاستصحاب المذكور مصداقا للأصل المثبت، و هو ليس بحجة.
2-
أصالة التأخّر العقلائية، فيدّعى أن العقلاء قد انعقدت سيرتهم على أنه متى ما شك
في تقدّم شيء أو تأخّره فهم يبنون على تأخّره، أي على أن الأصل هو تأخّره، و بذلك
يلزم الحكم بتأخّر الاستعمال عن الوضع بلا لزوم محذور الأصل المثبت.
و
بكلمة أخرى: أنه إذا أريد التمسك باستصحاب عدم تحقّق الاستعمال قبل الوضع فيأتي
محذور الأصل المثبت، أما إذا لم يرد التمسك بالاستصحاب و إنما أريد التمسك بأصل
عقلائي انعقدت عليه السيرة العقلائية- و هو ما نصطلح عليه بأصالة التأخّر
العقلائية- فلا يرد محذور الأصل المثبت.
هذا
حاصل توجيه الأصل الثاني الذي هو في صالح الحمل على المعنى الشرعي.
[1] فإن عدم استعمال اللفظ قبل الوضع لا يعني أنه قد
أريد منه المعنى الشرعي، إذ الفرض عدم الاستعمال و ليس الاستعمال، و إنما النافع
في الحمل على المعنى الشرعي فرض تحقق الاستعمال، فمتى ما فرض تحقق الاستعمال و فرض
أن ذلك الاستعمال قد تحقّق بعد أن تمّ الوضع فيلزم حمل اللفظ المستعمل على المعنى
الشرعي.
[2] إذ لا نص شرعي يقول: إذا لم يستعمل اللفظ قبل الوضع
فهو- يعني الاستعمال- متحقق بعده و متأخر عنه.