بل أنه قد
عرفنا في الأمر الرابع أن لفظ زيد مثلا قد يستعمل و يراد به نوعه أو صنفه أو شخصه،
و الحال أنه لم يوضع لذلك ليكون حقيقة، و لا علاقة و مناسبة ليكون مجازا، إذ أي
مناسبة بين المعنى الحقيقي- و هو ذات زيد- و بين نوع لفظ زيد أو صنف لفظ زيد أو
مثله.
هذه
هي المقدمة التي أريد بيانها.
و
يقول قدّس سرّه أنه باتضاحها يتضح أن دعوى تحقّق الوضع التعييني في زمان النبي صلى
اللّه عليه و آله بالنسبة إلى لفظ الصلاة و غيره من الألفاظ المتداولة على لسانه
أمر قريب، و مدّعي القطع بذلك ليس بعيدا عن الصواب، فإن تحقّق الوضع التعييني من
خلال انشائه و إن كان أمرا بعيدا- إذ لو كان النبي صلى اللّه عليه و آله قد ارتقى
المنبر و قال: وضعت لفظ الصلاة مثلا للمعنى الشرعي لنقل التاريخ ذلك باعتبار أنه
ظاهرة مهمة- و لكن تحقّقه من خلال الاستعمال ليس ظاهرة ملفتة للنظر ليلزم نقل ذلك.[1]
النقطة
الثانية: دليل و مؤيّد على المطلوب:
ثمّ
إنه قدّس سرّه ذكر لإثبات تحقّق الوضع زمن النبي صلى اللّه عليه و آله وجهين،
أحدهما ذكره بعنوان الدليل و الآخر بعنوان المؤيّد.
أما
الدليل فهو التبادر، إذ المتبادر من الألفاظ في محاورات النبي صلى اللّه عليه و
آله هو المعاني الشرعية و كان المسلمون يفهمون ذلك جزما، و التبادر دليل الوضع.[2]
و
أما المؤيّد فهو أن مثل لفظ الصلاة إذا لم يكن موضوعا في عهد
[1] يمكن أن يناقش ما ذكره قدّس سرّه بأن مجرد إمكان
تحقق الوضع بالاستعمال لا يلازم وقوعه و تحققه كما هو واضح.
[2] و لكن من قال: إن التبادر كان يحصل من حاق اللفظ و
ليس لقيام القرينة.