منها: قاعدة اليقين، و هي تشترك مع الاستصحاب في افتراض اليقين و الشكّ،
غير أنّ الشكّ في موارد القاعدة يتعلّق بنفس ما تعلّق به اليقين و بلحاظ نفس
الفترة الزمنيّة، و أمّا في موارد الاستصحاب فالشكّ يتعلّق ببقاء المتيقّن، لا
بنفس المرحلة الزمنيّة التي تعلّق بها اليقين.
و إذا أردنا مزيدا من التدقيق أمكننا أن نلاحظ أنّ الاستصحاب لا يتقوّم
دائما بالشكّ في البقاء، فقد يجري بدون ذلك، كما إذا وقعت حادثة، و كان حدوثها
مردّدا بين الساعة الأولى و الساعة الثانية، و يشكّ في ارتفاعها، فإنّنا
بالاستصحاب نثبت وجودها في الساعة الثانية، مع أنّ وجودها المشكوك في الساعة
الثانية ليس بقاء على أيّ حال، بل هو مردّد بين الحدوث و البقاء، و مع هذا يثبت
بالاستصحاب.
و لهذا كان الأولى أن يقال: إنّ الاستصحاب مبنيّ على الفراغ عن ثبوت
الحالة المراد إثباتها، و قاعدة اليقين ليست كذلك.
و من نتائج الفرق المذكور بين الاستصحاب و قاعدة اليقين، أنّ الشكّ في
موارد قاعدة اليقين ناقض تكوينا لليقين السابق، و لهذا يستحيل أن يجتمع معه في
زمان واحد، و أمّا الشكّ في موارد الاستصحاب فهو ليس ناقضا حقيقة.
و منها: قاعدة المقتضي و المانع، و هي القاعدة التي يبنى فيها عند إحراز
المقتضي و الشكّ في وجود المانع على انتفاء المانع و ثبوت المقتضى- بالفتح- و هذه
القاعدة تشترك مع الاستصحاب في وجود اليقين و الشكّ، و لكنّهما فيها متعلّقان
بأمرين متغايرين ذاتا، و هما المقتضي