الحالة
الثانية: أن لا يكون النهي المتعلّق بالحصّة متعلّقا بها بنفس العنوان الذي تعلّق
به الأمر، و هو الصلاة في المثال، بل بعنوان آخر، كما في (صلّ) و (لا تغصب). فإذا
صلّى في مكان مغصوب كان ما وقع منه باعتباره صلاة مصداقا للواجب، و باعتباره غصبا
حراما، أي أنّ له عنوانين، و الأمر متعلّق بأحدهما و النهي بالآخر، فهل يكفي تغاير
العنوانين في إمكان التوفيق بين الأمر بالصلاة و النهي عن الغصب و تصادقهما على
الصلاة في المغصوب أو لا؟.
فقد
يقال بأنّ ذلك يكفي لأنّ الأحكام تتعلّق بالعناوين لا بالأشياء الخارجيّة مباشرة،
و بحسب العناوين يكون متعلّق الأمر مغايرا لمتعلّق النهي، و أمّا الشيء الخارجيّ
الذي تصادق عليه العنوانان، فهو و إن كان واحدا و لكن الأحكام لا تتعلّق به
مباشرة، فلا محذور في اجتماع الأمر و النهي عليه بتوسط عنوانين، بل هناك من يذهب
إلى أنّ تعدّد العنوان يكشف عن تعدّد الشيء الخارجيّ أيضا، فكما أنّ الغصب غير
الصلاة عنوانا، كذلك غيرها مصداقا، و إن كان المصداقان متشابكين و غير متميّزين
خارجا، فيكون الجواز- لو صحّ هذا- أوضح.
و
قد يقال: بأنّ تعدّد العنوان لا يكفي، لأنّ العناوين إنّما تتعلّق بها الأحكام
باعتبارها مرآة للخارج لا بما هي مفاهيم مستقلّة في الذهن، فلكي يرتفع التنافي بين
الأمر و النهي لا بدّ أن يتعدّد الخارج، و لا يمكن أن نبرهن على تعدّده عن طريق
تعدّد العنوان، لأنّ العناوين المتعدّدة قد تنتزع عن شيء واحد في الخارج.
و ثمرة
هذا البحث واضحة، فإنّه على القول بامتناع اجتماع الأمر و النهي، يقع التعارض حتما
بين دليل الأمر و دليل النهي، لأنّ الأخذ