و
لا فرق في استحالة التكليف بغير المقدور، بين أن يكون التكليف مطلقا من قبيل أن
يقول الآمر لمأموره (طر في السماء)، أو مقيّدا بقيد يرتبط بإرادة المكلّف و
اختياره من قبيل أن يقول: (إن صعدت إلى السطح فطر إلى السماء)، فإنّ التكليف في
كلتا الحالتين مستحيل.
و
الثمرة في اشتراط القدرة في صحّة الإدانة (المعنى الأوّل) واضحة، و أمّا الثمرة في
اشتراط القدرة في التكليف ذاته (المعنى الثاني) فقد يقال: إنّها غير واضحة إذ ما
دام العاجز غير مدان على أيّ حال، فلا يختلف الحال سواء افترضنا أنّ القدرة شرط في
التكليف أو نفينا ذلك و قلنا بأنّ التكليف يشمل العاجز، إذ لا أثر لذلك بعد افتراض
عدم الإدانة، و لكنّ الصحيح وجود ثمرة على الرغم من أنّ العاجز غير مدان على أيّ
حال، و هي تتّصل بملاك الحكم، إذ قد يكون من المفيد أن نعرف أنّ العاجز هل يكون
ملاك الحكم فعليّا في حقّه و قد فاته بسبب العجز لكي يجب القضاء مثلا، أو أنّ
الملاك لا يشمله رأسا فلم يفته شيء ليجب القضاء، أي أن نعرف أنّ القدرة هل هي
دخيلة في الملاك أو لا، فإذا جاء الخطاب الشرعيّ مطلقا و لم ينصّ فيه الشارع على
قيد القدرة ظهرت الثمرة، لأنّنا إن قلنا باشتراط القدرة في التكليف ذاته كما
تقدّم، كان حكم العقل بذلك بنفسه قرينة على تقييد إطلاق الخطاب، فكأنّه متوجّه إلى
القادر خاصّة و غير شامل للعاجز، و في هذه الحالة لا يمكن إثبات فعليّة الملاك في
حقّ العاجز، و أنّه قد فاته الملاك ليجب عليه القضاء مثلا، لأنّه لا دليل على ذلك
نظرا إلى أنّ الخطاب إنّما يدلّ على ثبوت الملاك بالدلالة الالتزاميّة، و بعد سقوط
المدلول المطابقيّ