عرفنا
سابقا أنّ الدلالة تصوّريّة و تصديقيّة. و عليه فهناك ظهور على مستوى الدلالة
التصوّريّة، و هناك ظهور على مستوى الدلالة التصديقيّة.
و
معنى الظهور الأوّل أن يكون أحد المعنيين أسرع انسباقا إلى تصور الإنسان و ذهنه من
الآخر عند سماع اللفظ.
و
معنى الظهور الثاني أن يكون كشف الكلام تصديقا عمّا في نفس المتكلّم يبرز هذا
المعنى دون ذاك، فيقال حينئذ: إنّه ظاهر فيه بحسب الدلالة التصديقيّة.
و
قد تقدّم أنّ الظاهر من كلّ كلام أن يتطابق مدلوله التصوّريّ مع مدلوله التصديقيّ.
و
على أيّ حال، فموضوع الحجّيّة هو الظهور على مستوى الدلالة التصديقيّة، لأنّ
الحجّيّة معناها إثبات مراد المتكلّم و حكمه بظهور الكلام، و الكاشف عن المراد و
الحكم إنّما هو الدلالة التصديقيّة و الظهور التصديقيّ. و أمّا الدلالة التصوّريّة
فلا تكشف عن شيء لكي تكون حجّة في إثباته، و إنّما هي مجرّد إخطار و تصوّر، نعم
الظهور على مستوى الدلالة التصوّريّة هو الذي يعيّن لنا عادة الظهور التصديقيّ،
لأنّ ظاهر الكلام هو التطابق بين ما هو الظاهر تصوّرا و ما هو المراد تصديقا و
جدّا.
فالظهور
التصوّريّ إذن يؤخذ كأداة لتعيين الظهور التصديقيّ الذي هو موضوع الحجّيّة لا أنّه
موضوع لها مباشرة.
و
قد يوضّح المتكلّم في نفس كلامه، أنّ مراده الجدّيّ يختلف عمّا هو الظاهر من
الكلام في مرحلة المدلول التصوّريّ، و بهذا يصبح الظهور