احتمال وجود
دليل لفظي يدلّ على الحكم نتيجة لاجتماع قرينتين ناقصتين، و حين ينضم إلى الفقيهين
فقيه ثالث نزداد ميلا إلى الاعتقاد بوجود هذا الدليل اللفظي و هكذا نزداد ميلا إلى
الاعتقاد بذلك كلما ازداد عدد الفقهاء بوجوب الخمس في المعادن، فإذا كان الفقهاء
قد اتفقوا جميعا على هذه الفتوى سمي ذلك «إجماعا»، و إذا كانوا يشكلون الأكثرية
فقط سمي ذلك «شهرة».
فالإجماع
و الشهرة طريقان لاكتشاف وجود الدليل اللفظي في جملة من الاحيان.
و
حكم الإجماع و الشهرة من ناحية أصولية أنه متى حصل العلم بالدليل الشرعي بسبب
الإجماع أو الشهرة وجب الأخذ بذلك في عملية الاستنباط، و أصبح الإجماع و الشهرة
حجة، و إذا لم يحصل العلم بسبب الإجماع أو الشهرة، فلا اعتبار بهما، إذ لا يفيدان
حينئذ إلّا الظن و لا دليل على حجية هذا الظن شرعا فالأصل عدم حجيته، لأن هذا هو
الأصل في كلّ ظن كما تقدم.
(الثالث)
سيرة المتشرعة، و هي السلوك العام للمتدينين في عصر المعصومين من قبيل اتفاقهم على
إقامة صلاة الظهر في يوم الجمعة بدلا عن صلاة الجمعة، أو على عدم دفع الخمس من
الميراث.
و
هذا السلوك العام إذا حللناه إلى مفرداته، و لاحظنا سلوك كلّ واحد بصورة مستقلة،
نجد أن سلوك الفرد المتدين الواحد في عصر التشريع، يعتبر قرينة إثبات ناقصة على
صدور بيان شرعي يقرر ذلك السلوك، و نحتمل في نفس الوقت أيضا الخطأ و الغفلة و حتى
التسامح.
فإذا
عرفنا أن فردين في عصر التشريع كانا يسلكان نفس السلوك