لبيان مثل
هذا الوجوب بعيد جدا لانه بيان لما لا ثمرة مهمة له.
بل
ان الشيء متى ما اشتمل على حيثيتين إحداهما مهمّة و الأخرى غير مهمّة فالعدول إلى
بيان غير المهمّة و السكوت عن المهمّة أمر غير عقلائي.
و
إذا ثبت ان وجوب الطهارة من الجنابة وجوب شرطي و ليس نفسيا ترتّبت على ذلك فائدة
لطيفة، و هي ان الآية الكريمة يستفاد منها عدم شرطية الوضوء للصلاة في حق المجنب
لانها دلت على ان المكلف الذي يقوم للصلاة ان كان محدثا بالأصغر فوظيفته الوضوء و
ان كان محدثا بالأكبر فوظيفته الغسل، و حيث ان التقسيم مانع من الاشتراك فيثبت ان
الوضوء و الغسل لا يمكن ثبوتهما في وقت واحد في حق مكلّف واحد.
12-
الحالات التي يلزم عندها التيمم
اتّضح
ان الآية الكريمة أشارت إلى شرطية الوضوء و الغسل للصلاة و بقيت الحاجة للإشارة
إلى شرطية التيمم عند عدم التمكن من الوضوء و الغسل، و قد تكفّل ذلك قوله تعالى:
وَ إِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ
الْغائِطِ ....
و
أشارت الآية الكريمة إلى أربع حالات يلزم عندها التيمم، و هي ليست على و تيرة
واحدة، فالحالتان الأوليان- و هما المرض و السفر- ليستا موجبتين للحدث و اعتبار
التيمم بل الموجب لذلك شيء آخر و هو النوم، إذ صدر الآية قال:
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا
وُجُوهَكُمْ ...، و المراد- كما تقدم- إذا قمتم للصلاة من النوم فاغسلوا ... و جاء
ذكر المرض و السفر لبيان ان من قام إلى الصلاة من النوم فالواجب في حقه الوضوء و
لكنه إذا لم يتمكن من استعمال الماء لمرض أو سفر فحكمه التيمم.