و
قوله تعالى: عَنْ يَدٍ يحتمل ان يراد به الكناية عن القبض
الفعلي و ان الجزية لا بدّ و ان تؤخذ حالّة و لا يكفي كونها مؤجّلة إلى أجل.
هذا
لو كان المقصود من اليد الجارحة الخاصّة. أمّا لو كان المراد منها القدرة فالمقصود
حتى يدفعوا الجزية في حالة قدرتكم و إبراز سيطرتكم عليهم.
و
أمّا كلمة «صاغرون» فهي جمع صاغر بمعنى الصغار، و هو الذلة، أي لا بدّ و ان يدفعوا
الجزية و هم خاضعون كمال الخضوع لتعاليم الإسلام التي منها الإلزام بدفع الجزية.
هكذا
ينبغي ان يفسّر الصغار. و من البعيد عن روح الإسلام تفسيره بالاستهزاء و السخرية.
كانت
الآيتان السابقتان ناظرتين إلى قتال الكفار من أهل الكتاب أو من غيرهم، أمّا هذه
فناظرة إلى اقتتال المسلمين فيما بينهم و بغي بعض الطوائف منهم على البعض الآخر.
و
في المقصود احتمالان:
أحدهما:
ان الواجب في المرحلة الأولى الإصلاح بين الطائفتين فان بغت إحداهما بعد الإصلاح
فيلزم قتال الباغية حتى تفيء إلى أمر اللّه.
ثانيهما:
ان الواجب في المرحلة الأولى الإصلاح لو لم تكن إحداهما باغية