responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مقالات إسلامية نویسنده : كاشف الغطاء، الشيخ عباس    جلد : 1  صفحه : 4

جديد يتحرك في كل مرحلة عندما تسقط قوة وترتفع قوة أخرى [وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ‌][1] كما صرح القرآن الكريم في هذا المجال. فإن أمريكا أرادت أن توحي للشعوب المستضعفة شعوب العالم الثالث أن هنالك نظاما جديدا يطبق على العالم وعلى الجميع أن يسلموا له. ففكرة العولمة انطلقت بنفي كل اقتصاد إقليمي أو وطني أو قومي، وإثبات اقتصاد واحد عالمي استكباري تسيطر عليه أمريكا بالقوة فتمنع أي اقتصاد من أن يدير نفسه بنفسه وأن تكون له مفرداته الخاصة به. هذا من الجانب الاقتصادي وكذلك من الجانب الأمني فإن العولمة تلغي الأمن الذاتي لأي دولة، بل إن الأمن ينطلق من خلال الأمن العالمي الذي تسيطر عليه القوى الاستكبارية تحت عنوان العولمة لتشعل حربا أو لتطفئ حربا بحيث تتسلح الدول لا لتمارس حربها بنفسها إلا في الدوائر الصغيرة الخاضعة للخطوط العالمية الدولية، ولتكن هذه الأسلحة والقواعد العسكرية في خدمة الدول الاستكبارية كما يحدث مثاله الآن في دول الخليج العربي. وهكذا أرادت أمريكا أن تخضع الثقافة للعولمة فليس هنالك من ثقافة إسلامية أو وطنية أو قومية بل هنالك ثقافة عالمية تحدد لكل مفردة من المفردات دورها وحركتها في خدمة المصالح الامبريالية.

إن العولمة التي انطلقت حديثا يراد لها إفساح المجال لأمريكا لأن تسيطر على العالم ولن يتحقق هذا الحكم لها وستفشل لأن علاقة الشعوب بخصوصياتها ووعيها للخطة الاستكبارية وتمسكها بدينها سوف يفشل هذا النظام.

العولمة جولة استكبارية جديدة

إن العولمة جولة استكبارية جديدة تفتق عنه العقل الأمريكي لتجميل صورة جولته الجديدة هذه، وحقيقتها فرض الرأسمالية الأمريكية بثوب جديد على العالم. وهيأت أمريكا الأرضية لهذه الجولة الاستكبارية لئلا تخرج عن الدائرة الحمراء للخطة المرسومة باسم العولمة رقبة دول العالم ومناطقه الحساسة، ولكن الشعوب والأمم وخصوصا شعوب الأمة الإسلامية والعربية لم تساوم ولن تساوم على هويتها الذاتية، أو تخنع ذليلة- لا سامح الله أمام هذه اللعبة الجديدة، خصوصا وأنها تعيش إرهاصات صحوتها الرائدة التواقة إلى الاستقلال والحرية، وتحقيق حاكمية العدل الإلهي في الأرض. إن هذه الأمة الرسالية ستخوض صراعا مريرا مع الاستكبار العالمي بقيادة أمريكا، وإن ظلما وفسادا عظيمين سينالان الشعوب المستضعفة لو قدر للاستكبار أن يحقق نجاحا- لا سامح الله- في جولته هذه. والملحوظ أن دول العالم الثالث والدول المستضعفة ستنقسم إلى طائفتين رئيسيتين في موقفها من العولمة الاستعمارية وهما:

الطائفة الأولى‌: الدول الانهزامية وهي التي لا تجد لنفسها القدرة الذاتية على الوقوف بوجه العولمة الرأسمالية، وستبرر ذلك وتنظر له بأنها أمام أمر محتوم وقدر لا يمكن الفرار منه.

الطائفة الثانية: دول الصمود وهي التي تتحدى هذه الجولة الاستكبارية الجديدة، وتجد في نفسها القدرة الذاتية على الوقوف والثبات لتحقيق عوامل البناء الذاتي والاستقلال والتطور الاقتصادي على المدى البعيد رغم التضحيات الآنية التي قد تقدمها جراء موقفها هذا ومثالها العراق العظيم الذي يمثل النموذج الفريد والقدوة المثلى لهذه الطائفة.


[1] سورة آل عمران/ 140.

نام کتاب : مقالات إسلامية نویسنده : كاشف الغطاء، الشيخ عباس    جلد : 1  صفحه : 4
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست