بخلاف الشهادة فأنَّ الجزم بالخبر مأخوذ في مفهومها ويفرق بينها بحسب المقام غالباً فأنَّ مقامات الشهادة في حقوق المخلوقين وفي الدعاوي عند الحاكم وشبهها مما لا ينكره منكر والفرق بينهما أن المخبر عنه أن كان عاماً كان خبراً وأن كان معيناً كان شهادة منقوض طرداً وعكساً ومع ذلك فالفرقان المتقدمان لا يقضيان بالتعدد وعدمه بل التعدد وعدمه يتوقف على دليلهما.

نعم، قد يقال أنَّ الأصل فيما شكَّ في شرطية التعدد في قبوله وعدم الحجيّة إلَّا أن يقوم دليل على حجيته فلو شككنا في اجزاء الواحد في كل ما يسمى شهادة أو في أجزائيه في ما يشك أنه شهادة أم لا فالأصل عدمه حتى يقوم دليل على الأجزاء فعلى هذا تكون التزكية والجرح مما يشك في أنها شهادة أو خبر ومما يشك في قبول خبر الواحد منفرداً فيها سواء كانت تزكية رواية أو شهادة فلابد فيها من التعدد إلَّا أنه في تعديل رواة الأحكام يقوى القول بكفاية الواحد منفرداً لحصول التبيّن بخبره لأن خبر من لا يعرف لا يزيد على خبر الفاسق وكما أنَّ خبر الفاسق يكون حجة عند التبيّن فكذا خبر من لا يعرف إذا عرّف به من يعرف وزكّاه وقرب الظن به يكون حجة بالطريق الأولى مضافاً إلى أنَّ طريقة التوثيق في علم الرجال مبنية على الظنون الأجتهادية لبعد العهد بين الموثق والموثق ولأستفادة التوثيق من الروايات المفيدة ظنّاً بالتوثيق ولعدم العلم بأنَّ الموثّق مما يكتفي بالواحد بتوثيقه أم لا.

كيفية الجرح والتعديل‌

سابعها: في كيفية الجرح والتعديل وبعد أن بينا أنهما في الرواية من الظنون الأجتهادية المفيدة تبيّناً وتثبّتاً في الخبر وأنَّ العدالة يكفي فيها حسن الظاهر وأنها يكفي نقل الواحد فيها ساغَ لنا أن نكتفي بالتعديل والجرح مطلقين من دون ذكر السبب فيهما معاً لأستفادة الظن فذلك فيما وقع الأختلاف فيه بيننا وبينهم لأنَّ الظاهر من المعدّل والجارح أنه عدّل وجرح بما ينطبق على جميع المذاهب وإلا كان مدلّساً لوضع كتبهم على الأنتفاع بها لكل ناظر، والظاهر أيضاً ارادة المعنى الواقعي من اللفظ المقطوع به عند الناقل المتفق عليه لا ما أداه إليه أجتهاده ووصل إليه نظره وأما فيما لم يقع الأختلاف بيننا وبينهم بل علم الأتفاق أو شك فيه فذاك بالطريق‌