الهموم والأحزان مشغول البال، بما وقع في
النجف الأشرف من الاختلال، عاريا من الاستعداد، وفاقدا للكتب التي يحصل منها
الاستمداد. فشرعت في ذلك مع تلك البضاعة المزجاة سائلا من الله العصمة والنجاة إنه
أرحم الراحمين.
فنقول:
الفصل الأول: الكلام في العلم
لا ريب في أن أنواع الإدراك[1]
أربعة علم وظن وشك ووهم،
الأول العلم:-" والمراد بالعلم هنا" ما يعم ممتنع النقيض[2] مطلقا أو عند المعتقد[3] الذي هو قسيم للعلم عند أهل الأصول،
ولا كلام في حجية العلم منها بقسميه بل هي من البديهيات[4]
الأولية.
نعم بالنسبة إلى أصول الدين نوجب على الله تعالى الإيصال إلى الحق
ومتى (ما) لم يصل المكلف دلّ على أنه مقصرّ في الاجتهاد[5]،
وأن اعتقاده ليس باعتقاد كما تقرر في محله، مع أن العلم لو لم يكن حجة للزم الدور[6] إذ ما وراء العلم شيء، وغيره إنما
يكون حجة بالانتهاء إليه، فلو توقفت حجيته على غيره لدار.
[1] الإدراك عبارة عن وجود نفس الشيء لا شبه عند
المدرك فيه. و هناك مطالب متعلقة بالإدراك والعلم، يراجع الشيخ علي كاشف الغطاء/
نقد الاراء المنطقية/ 64.
[2] العلم: الاعتقاد الجازم المطابق للواقع و حصول
صورة الشيء في العقل و أقسام العلم الضروري والنظري. الجرجاني: التعريفات/ 88