وإن قلت أن الإسقاط إعدام للسلطنة فلا يشمله دليل السلطنة فإن
دليل ثبوت الشيء لا يشمل صورة عدمه.
قلنا لما كان الإسقاط من التصرفات في الشيء، ودليل السلطنة يقتضي
جواز سائر التصرفات كأن يقتضي جواز الإسقاط نظير قولنا (كل خبري صادق) في اقتضائه
صدق كل خبر قد صدر منه حتى هذا الخبر ألا ترى أن التصرف في الأعيان بنحو البيع
يشمله دليل السلطنة مع إنها تنعدم فيه.
الجهة الثالثة: عدم جواز إسقاط بعض الحقوق.
انه قد يمنع مانع من إسقاط الحق، كأن ينهي الشارع عنه نهياً وضعياً
أو يكون في وضعه مراعياً حال الغير، كما يقال في حق الولاية والوصاية فإنها مرعي
فيها حال المولي والموصي، بلفظ اسم الفاعل. ودعوى انه هنا حق آخر على المولى
والموصى بلفظ اسم المفعول ملازم لحق الولاية والوصاية تقتضيه رعاية حال الغير لو
سلمناها فهي لا تنافي ما ذكرناه من أن رعاية الغير تستدعي عدم السقوط بنفس إسقاط
ذي الحق، أو يكون الحق منتزعاً من مجعول شرعي أو تابع له كحق الإمامة فإنه لا يجوز
إسقاطه لأنه تابع لذلك المجعول وهو ليس بيده.
الجهة الرابعة: الشك في جواز الإسقاط.
إذا شك في جواز الإسقاط للحق كما في حق الحضانة فإذا كان الشك من جهة
احتمال منع الشارع فالأصل يقتضي عدمه، وإن شك من جهة احتمال عدم قابليته للإسقاط
فالاستصحاب يقتضي بقاء الحق.