وحله أن عدم كون الألفاظ مثبتة للدعوى بل كاشفة عنها لا ينافي
كون الكتاب والسنة دليلين على مداليلها ظناً لأنك عرفت أن الألفاظ تدل على إرادة
المتكلم لمعانيها بحكم العادة ولو ظناً، وإذا كان المتكلم مفروض الصدق بالبراهين
القاطعة دلت دلّالة عقلية على تحقيق مضامينها هذا في إخبارات الكتاب والسنة. وأما
إنشاءاتها فيستغنى فيها عن المقدمة الأخيرة إذ يكفي في كون الكلام الإنشائي دليلًا
على مدلوله فادته العلم أو الظن بإرادة المتكلم لمضمونه من غير اعتبار صدق المتكلم
لأن الصدق والكذب إنما يتعقلان في الأخبار دون الإنشاء.
(بقى شيء) وهو أنه حكى عن الآمدي: أن الحكم خطاب
الشارع بفائدة شرعية تختص به، أي لا تفهم إلّا منه لأنه إنشاء فلا خارج له، وقال الغزالي الحكم خطاب الشرع المتعلق
بأفعال المكلفين وفيه كلام أمّا:
أولًا: فبالنقض بقوله تعالى [وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ]
فإنه داخل في الحد وليس بحكم إجماعاً.
ثانياً: فلأنه لا خطاب متعلق بجميع أفعال جميع
المكلفين، وفي الحاصل والمنتخب والمنهاج أنه خطاب الله تعالى المتعلق بأفعال
المكلفين بالاقتضاء والتخيير.
الحكم عند الفقهاء
هو ما ثبت من خطاب الشارع بما هو شارع من اقتضاء أو تخيير أو وضع لا
نفس الخطاب، وقال العلامة في النهاية أن الحكم (ليس هو الخطاب بل المستفاد منه)
فإن الحكم ليس قول الشارع: أوجبت عليك بل هو نفس الوجوب المستفاد من ذلك الخطاب،
ونسب له (ره) هذا المعنى للحكم في كتابه نهج الحق للإمامية، وعليه فيكون الحكم عند