أقول ه-- ذا الكلام
مردود لأنه لا ينكر حسن الاحتياط أو ما اصطلح عليه بالورع بالفروج والنفوس
والأموال.
وقد عد الغزالي اشتباه
أفراد غير محصورة بأفراد غير محصورة أخرى شبه غير محصورة أيضا (إذا تعلق الشك
بالمال بأن يختلط حلال بحرام كما إذا حصل في السوق أحمال طعام مغصوب واشتراهما أهل
السوق فلا يجب السؤال على من يشتري من تلك السوق إلا أن يظهر أن أكثر ما في أيديهم
حرام فيجب السؤال وما لم يكن الأكثر حراما فيكون التفتيش ورعا لأن الصحابة (رض) لم
يمتنعوا عن الشراء من الأسواق وكانوا لا يسألون في كل عقد وإنما نقل السؤال عن
بعضهم في بعض الأحوال لريبة كانت)[2]
والظاهر أنهم استدلوا
بحديث رسول الله (ص) أعظم المسلمين جرما من سأل عن شيء لم يحرم فحرم من أجل
مسألته)[3].
وذهب الغزالي إلى أنه
(لا يحرم بهذا الاختلاط أن يتناول شيء بعينه احتمل أنه حرام وأنه حلال إلا أن
يقترن بتلك العين علامة تدل على أنه من الحرام فإن لم يكن في العين علامة تدل على
أنه من الحرام فتركه ورع وأخذه حلال لا يفسق به آكله)[4].
واستشهد بعمل الصحابة
(رض) فإنهم أدركوا الأمراء الظلمة ولم يمتنع أحد منهم عن الشراء والبيع في السوق
بسبب نهب المدينة وقد نهبها أصحاب يزيد ثلاثة أيام وكان من يمتنع من تلك الأموال
يشار إليه بالورع
[2] النووي/ المجمع شرح المهذب/ ج 9/ 336337 وأنظر
ابن نجيم زين العابدين بن إبراهيم الحصري الحنفي( ت 970 ه-)/ 1 الاشياه والنظائر/
تحقيق عبد العزيز محمد الوكيل/ مؤسسة الحلبي وشركاؤه/ مصر/ 1387 ه- 113
[3] العسقلاني/ فتح الباري شرح الصحيح البخاري/ ج
13/ 264