نام کتاب : لوامع البينات شرح أسماءالله تعالى و الصفات نویسنده : الرازي، فخر الدين جلد : 1 صفحه : 256
غير حاصلة، قال سبحانه: «وَ إِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ
لا تُحْصُوها» «1» فإذا كانت معرفة النعم شرطا لإمكان الشكر، و كانت هذه المعرفة
غير حاصلة، كان الشكر غير ممكن.
الثانى: إن شكر النعمة مخلوق للمنعم على مذهبنا، و ذلك الشكر أعظم
قدرا من تلك النعم، فكيف يعقل شكر نعمته من غير نعمته، و أما عند من يقول:
إن فعل العبد ليس بمخلوق للرب، فلا شك أن صدور هذا الفعل من العبد لا
يكون إلا بتوفيق الرب و إعانته، و إعطاء القدرة و العقل و الآلة و التوفيق، و كل
واحد من هذه الأشياء أعظم من تلك النعمة؛ فيرجع هذا أيضا إلى ما ذكرناه من أنه
يقتضي شكر نعمته؛ و هو غير جائز.
الثالث: أنه يعطى على هذا الشكر نعمة زائدة؛ قال تعالى: «لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ»
«2» فإن وقع هذا الشكر فى مقابلة النعمة السابقة بقيت هذه النعمة
اللاحقة بلا شكر؛ و إن وقع فى مقابلة اللاحقة بقيت السابقة بلا شكر؛ و على
التقديرين لا يفى شكر العبد بنعمة الرب.
الرابع: أنه يعطيك مع استغنائه عنك، و أنت تشكره مع افتقارك إليه؛
فكيف يقع هذا الشكر الصادر عن الحاجة و الضرورة فى مقابلة الإنعام الّذي هو محض
التفضل و الإحسان.
الخامس: قال أبو بكر الواسطى: الشكر شرك؛ فسئلت عن تفسيره؛ فقلت
معناه- و اللّه أعلم- أن من اعتقد أن الإنعام من الحق و الشكر من العبد يتعادلان و
يتقابلان؛ مثل من يبعث إلى إنسان هدية فيهاديه الآخر بما يساويها؛ فهذا هو الشرك
لأنه جعل نفسه فى مقابلة الحق، و فى معارضته. و كيف لا يقول ذلك و لو أن ملكا
عظيما أعطى بعض عبيده مملكه عظيمة، و أموالا جليلة. فجلس ذلك العبد فى زاوية فى
داره، و حرك إصبعه. و زعم أنه جعل تحريك الأصبع شكرا لذلك الإنعام العظيم فإن كل
عاقل يقضى عليه بالجنون.
______________________________
(1) جزء من الآية 34 من سورة إبراهيم، 18 من النحل.
(2) جزء من الآية 7 من سورة إبراهيم.
نام کتاب : لوامع البينات شرح أسماءالله تعالى و الصفات نویسنده : الرازي، فخر الدين جلد : 1 صفحه : 256