فإن قيل: لم لا يجوز أن يكون المراد نفى خالق غير اللّه يرزقكم من
السماء، و هذا لا يقتضي نفى خالق غير اللّه.
قلنا: بتقدير أن يصح الإيجاد من غير اللّه لا يمتنع إثبات خالق غير
اللّه يرزقنا من السماء، لأن الملائكة يصدق عليهم كونهم خالقين، و لا يمتنع عليهم
أن يرزقوا غيرهم، و لذلك يقال رزق السلطان فلانا كذا إذا ملكه و مكنه من التصرف
فيه، فثبت أن هذه الآية تقتضى نفى خالق غير اللّه، و لا يمكن حمل الخالق هاهنا على
المقدر، لما بينا أن فى المقدورين كثرة، فوجب أن يكون المراد منه الإيجاد و
الإبداع.
الحجة الرابعة: قوله «كَما بَدَأْنا أَوَّلَ
خَلْقٍ نُعِيدُهُ» «2» و لا يليق بلفظ الخلق هاهنا إلا
الإيجاد.
الحجة الخامسة: قوله: «هذا خَلْقُ اللَّهِ
فَأَرُونِي ما ذا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ»!! «3» ذكر هذا على سبيل الإنكار، و هذا صريح
فى أن كل من سوى الحق ليس بخالق، فثبت بهذه الدلائل أن الخلق جاء فى اللغة بمعنى
الإيجاد و الإبداع.
المسألة الثانية: زعم أبو عبد اللّه البصرى من المعتزلة، أن إطلاق
اسم الخالق على اللّه ليس على سبيل الحقيقة؛ لأن الخلق فى اللغة عبارة عن الفكرة و
الروية، و هذا على اللّه محال، و كان إطلاق اسم الخالق على اللّه ليس على سبيل
الحقيقة، و هذا ضعيف من وجهين.
______________________________
(1) جزء من الآية 3 من سورة فاطر.
(2) جزء من الآية 104 من سورة الأنبياء.
(3) جزء من الآية 13 من سورة لقمان.
نام کتاب : لوامع البينات شرح أسماءالله تعالى و الصفات نویسنده : الرازي، فخر الدين جلد : 1 صفحه : 205