نام کتاب : لوامع البينات شرح أسماءالله تعالى و الصفات نویسنده : الرازي، فخر الدين جلد : 1 صفحه : 204
لا يتوقف تأثيرها فى المقدور على آلة، كما فى حق اللّه سبحانه و
تعالى كان التقدير هو نفس ذلك التحصيل و التكوين، و إن كان يتوقف على آلة مخصوصة
كما فى حق العبد، فإنه لا يمكنه تصوير الجسم المتباين و تشكيله إلا عند حركات
الأصابع فهاهنا سميت تلك الحركات القائمة بأصابعه تصويرا و تقديرا.
و الثانى: الإرادة المخصصة لذلك الشيء بذلك المقدار المعين، دون ما
هو أزيد منه و أنقص منه.
و الثالث: العلم بذلك القدر الخاص، و ذلك لأن إرادة الشيء مشروطة
بالعلم به، ثم إن كان الفاعل عالما بكل المعلومات كان غنيا فى حصول ذلك العلم عن
الفكرة و الروية، كما فى حق اللّه سبحانه و تعالى، و إن لم يكن كذلك لم يحصل له
ذلك العلم بذلك المقدار الموافق للمصلحة إلا بالفكر و الروية، فهاهنا قد تسمى تلك
الفكرة و الروية تقديرا و تخليقا، و لكنه على سبيل المجاز، و ذلك لأن التقدير
عبارة عن إيقاع الشيء على قدر معين، و ذلك لا يمكن إلا بعد العلم بأمرين. أحدهما:
العلم بذلك القدر، و الثانى: العلم بكون ذلك القدر الموافق للمصلحة.
و هذان العلمان لا يمكن حصولهما إلا بعد الفكرة فكانت الفكرة شرطا
لحصول هذا العلم فى حق العبد، و هذا العلم شرط لكون المريد مريدا لإيقاعه على ذلك
القدر، و لكون القادر موجدا له على ذلك القدر، فكانت الفكرة شرطا لشرط التقدير لا
مطلقا، بل فى حق العبد، فبهذا الطريق سميت الفكرة خلقا و تقديرا، هذا هو البحث عن
حقيقة التقدير و ماهيته.
أما بيان أن لفظ الخلق جاء فى اللغة بمعنى الإيجاد و الإبداع، فيدل
عليه وجوه:
الأول: قوله «إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ
خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ» «1» و
لو كان الخلق هاهنا عبارة عن التقدير لصار معنى الآية إنا كل شيء قدرناه بقدر،
فيكون تكريرا بلا فائدة.
الحجة الثانية قوله: «وَ خَلَقَ كُلَّ
شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً» «2» و
لو كان الخلق عبارة عن التقدير لكان معنى الآية: و قدر كل شيء فقدره تقديرا.
______________________________
(1) الآية 49 من سورة القمر.
(2) جزء من الآية 2 من سورة الفرقان.
نام کتاب : لوامع البينات شرح أسماءالله تعالى و الصفات نویسنده : الرازي، فخر الدين جلد : 1 صفحه : 204