إنّما تنتزع من كيفيّة اتجاه الكرة الأرضيّة مع الشمس التي عرفت أنّها لا تزال في تبدل وانتقال، فهي نسبة قائمة بين الأرض والشمس. وهذا بخلاف الهلال فإنّه يتولد من كيفيّة نسبة القمر إلى الشمس من دون مدخل؛ لوجود الكرة الأرضيّة في ذلك بوجه بحيث لو فرضنا خلوّ الفضاء عنها رأساً لكان القمر متشكّلًا بشتّى أشكاله من هلاله إلى بدره، وبالعكس كما نشاهدها الآن ..» إلى أن قال: «إذن فتكوّن الهلال عبارة عن خروجه عن تحت الشعاع بمقدار يكون قابلًا للرؤية؛ ولو في الجملة. وهذا- كما ترى- أمر واقعيّ وجدانيّ لا يختلف فيه بلد عن بلد، ولا صقع عن صقع؛ لأنّه- كما عرفت- نسبة بين القمر والشمس، لا بينه وبين الأرض؛ فلا تأثير لاختلاف بقاعها في حدوث هذه الظاهرة الكونيّة في جوّ الفضاء»[1].

ما ذكره (قدس سره) من أنّ تكوّن الهلال عبارة عن خروجه عن تحت الشعاع بمقدار يكون قابلًا للرؤية- ولو في الجملة- متين جدّاً؛ لكنّ البيان الذي ذكره في تأييد ذلك، وأجاب به عن استدلال من يرى تعدّد ثبوت الهلال بتعدّد الآفاق، بقياس ذلك بمطالع الشمس ومغاربها المتعدّدة بتعدّد الأمكنة والآفاق، محل تأمّل؛ فإنّ تكوّن الهلال متقوّم بنسبة بين القمر والأرض؛ وإن كان لنسبة القمر إلى الشمس دخل في ذلك أيضاً. والواقع أنّ تكوّن الهلال متقوّم بنسبتين:

الأولى: نسبة القمر إلى الشمس؛ وذلك بخروجه عن المحاق.

______________________________
(1) مستند العروة الوثقى، كتاب الصوم، 119: 2- 117.

[1] مستند العروة الوثقى، كتاب الصوم، 119: 2- 117.