الثانية:
يقضى على الغائب في حقوق الناس كالديون و العقود، و لا يقضى في حقوق اللّه تعالى
كالزنا و اللواط لأنّها مبنيّة على التخفيف، و لو اشتمل الحكم على الحقين قضى بما
يخص الناس، كالسرقة يقضى بالغرم و في القضاء بالقطع تردد.
خصوصا
فيما كان متمكنا على التوكيل في المرافعة.
ثمّ
إنّ ظاهر القضاء هو فصل الخصومة فلا يعم موارد الحكم بثبوت موجب الحدّ كالزنا و
اللواط و غيرهما ممّا يترتب على مرتكبه الحدّ، فلا حاجة في الحكم بعدم مشروعية
القضاء في حدود اللّه سبحانه إلى التشبث بحديث درء الحدود بالشبهة[1]
أو بغيره كما لا يخفى.
نعم
قد يقال: إذا ترتب على ثبوت المدعى به كل من التغريم و الحد كدعوى السرقة فبالحكم
على الغائب بسرقة المال يثبت الموضوع لإجراء الحدّ أيضا، حيث إنّه لا دليل على أنّ
القضاء بثبوت موجب الحدّ يحتاج إلى حضور من يجري عليه الحد.
و
يمكن دفعه بأنّ الدليل على اعتبار الحضور هو أنّ للشخص أن يبطل الحجّة التي هي
مستند ثبوت موجب الحد، و بما أنّ المعلوم من مذاق الشرع أنّ بناء الحدود على
التخفيف و الممانعة عن ثبوت موجبه مهما كان سبيل لها، كما يظهر ذلك من الروايات
الواردة في ثبوت الزنا بالإقرار بأربع مرات[2]،
فلا يجوز للحاكم أن يأذن الحداد أو يوكّل شخصا في إجراء الحدّ على الغائب الذي لم
يحضر مجلس ثبوت الحدّ، مع احتماله أنّ عنده ما يوجب بطلان الحجّة المزبورة. و لا
مانع عن تفكيك ثبوت التغريم عن ثبوت الحد إذا كان الثبوت تعبّديا.
[1] الوسائل: ج 18، الباب 24 من أبواب مقدمات
الحدود، الحديث 4: 336.
[2] المصدر نفسه: الباب 16 من أبواب مقدمات
الحدود، الحديث 5 و 6: 328.