المقصد
الثاني: في مسائل متعلّقة بالدعوى، و هي خمس:
[الأولى:
قال الشيخ لا تسمع الدعوى إذا كانت مجهولة]
الأولى:
قال الشيخ لا تسمع الدعوى إذا كانت مجهولة (1)، مثل أن يدعي إليه فقال:
«يا أسامة لا تسألني حاجة إذا جلست مجلس القضاء فإنّ الحقوق ليس فيها شفاعة»[1].
و
على ذلك فقد يتراءى التنافي بين ذلك و بين ما تقدم من أنّه يستحب للقاضي ترغيب
المتخاصمين في الصلح الموجب للإغماض عن بعض الحق، و ربّما يجمع بينهما بجعل الصلح
أمرا متوسطا بين الاسقاط و عدمه أو ترغيبهما في الصلح ببعث القاضي شخصا في
ترغيبهما، أو كون الترغيب إلى الصلح مستثنى من الحكم المزبور لكون الصلح أمرا
مرغوبا إليه و كون إصلاح ذات البين أفضل من الصدقة، خصوصا فيما كان الترغيب قبل
ثبوت الحق، حيث إنّ ظاهر الرواية مع ضعف طريقه الشفاعة بعد ثبوته كما لا يخفى.
(1)
المحكي عن الشيخ و أبي الصلاح و بني حمزة و زهرة و إدريس و العلّامة في التحرير و
التذكرة لا تسمع الدعوى فيما إذا كان المدّعى به مجهولا لم يعيّنه المدّعي أو لم
يصفه بما يرفع جهالته، كما إذا ادّعى أنّ له على الآخر فرسا أو ثوبا من غير ذكر
خصوصياته و أوصافه، و علّل ذلك بعدم الفائدة في سماعها، حتى فيما لو أقرّ به خصمه،
حيث لا يمكن أخذ المعترف بشيء معيّن.
و
أورد على ذلك بأنّهم ذكروا سماع الإقرار بالمجهول، و يكلّف المعترف بالتفسير، فإن
فسّره بشيء تعيّن أخذه به لنفوذ إقراره على نفسه، و مع عدم تفسيره يؤخذ بما يصدق
عليه عنوان المدعى به، و على ذلك فاللازم سماع دعوى المدّعي
[1] المستدرك: ج 17، الباب 11 من أبواب القاضي،
الحديث 2: 358.