الأحكام الموجودة في الشريعة الإسلامية المقدسة
على قسمين:
الأول:
ما يرجع إلى أصول الدين. و الثاني: ما يرجع إلى فروع الدين. أما ما يرجع إلى أصول
الدين، فلا يكتفى فيه بالتقليد، و ذلك لأن المطلوب شرعاً في أصول الدين أن يحصل
العلم و اليقين للمكلف بربه، و بنبيّه، و معاده، و دينه، و إمامه، فمورد التقليد
ينحصر في فروع الدين من الحلال و الحرام، و نحوهما من الأحكام الشرعية الفرعية.
[أحكام
التقليد]
(مسألة
1) في الشريعة الإسلامية أوامر و نواهٍ، يجب على المكلف أداؤها و امتثالها،
و
لا وسيلة لمعرفة المكلف بأنه قد امتثل تلك الأوامر و النواهي، إلّا إذا كان في
جميع أفعاله و تروكه مجتهداً، أو مقلداً، أو محتاطاً، هذا في غير الأحكام البديهية
المسلَّمة في الشرع، كوجوب الصلاة و الصوم، و حرمة قتل النفس المحترمة و الزنى، و
غيرها كالمسائل القطعية التي لا يتوقف العلم بها على جهد و درس، فإن هذا النوع من
الأحكام لا اجتهاد فيه و لا تقليد و لا احتياط. و المراد بالاجتهاد هو استنباط
الأحكام الشرعية عن أدلتها. و الاحتياط هو أن يأتي المكلف بكل شيء يحتمل فيه
الأمر و الوجوب و لا يحتمل تحريمه، و أن يترك كل شيء يحتمل فيه النهي و التحريم و
لا يحتمل فيه الوجوب بحالٍ. و الاحتياط على قسمين: لأنه تارة: يقتضي التكرار. و
أخرى: لا يقتضيه. و مثال الأول: أن يجهل المكلف في بعض الحالات أن الواجب عليه
صلاة القصر، أو صلاة التمام، فإذا أراد أن يحتاط تحتّم عليه أن يعيد الصلاة مرتين،
قصراً تارة، و تماماً أخرى. و مثال الثاني: أن يجهل المكلف حكم الإقامة للصلاة،
فلا يعلم هل هي واجبة أو مستحبة، فإذا أراد أن يحتاط أقام و صلى، و ليس في هذا
القسم تكرار. و كلا قسمي الاحتياط جائز، و ان كان المكلف متمكناً من التعرف على
الحكم الشرعي عن طريق الاجتهاد أو التقليد، لكن معرفة موارد الاحتياط تحتاج إلى
اطلاع فقهي واسع، و هو متعسر على العوام، بالإضافة إلى تعذر الاحتياط أحياناً. و
مثال ذلك أن ينذر شخص نذراً و ينهاه والده عنه، فهو يحتمل أن الوفاء بالنذر واجب
لأنه نذر، و يحتمل أنه حرام رعاية لنهي الوالد، فلا يمكنه الاحتياط في هذه الحالة،
فيتعين عليه الاجتهاد أو التقليد، للتعرف على الحكم الشرعي بصورة محددة.