و البحث يقع في أنّه هل يجوز للقاضي أن يقضي بعلمه الشخصي؟
المعروف بين فقهائنا- بلا خلاف فيه إلّا من مثل ابن الجنيد- جوازه بالنسبة
للإمام المعصوم عليه السلام، و أمّا القاضي غير المعصوم فقد اختلفت كلماتهم فيه
بين قائل بالجواز مطلقاً و لعلّه المشهور، و قائل بعدم الجواز مطلقاً كما عن ابن
الجنيد في نقل الانتصار، و قائل بالتفصيل بين حقوق اللَّه و حقوق الناس بالجواز في
الأوّل دون الثاني كما عن ابن الجنيد في نقل المسالك، أو بالعكس كما عن ابن حمزة ([1]).
و عند فقهاء العامّة خلاف أيضاً في هذه المسألة، و إن كان المشهور
عند متأخّريهم عدم الجواز مطلقاً. و قد جاء في كلمات بعض المحدثين منهم ما يلي:
«فإنّ الأدلّة التي يحصل بها الإثبات تُحقِّق للقاضي علماً مكتسباً
بالحادثة المكلّف بالحكم فيها، فيكون الحاكم بعد قيام الدليل كأنّه شاهد الواقعة و
وقف على ظاهرها و باطنها، فلا يسعه إلّا الحكم بما علم من هذا الطريق؛ إذ أنّ خلاف
ذلك مجهول لديه، فكيف يحكم بمجهول؟! و يستلزم هذا التعامل أنّ للحاكم أن يحكم بعلمه
الشخصي غير المكتسب من طريق الدليل الذي قام لديه بل حصل له من طريق مشاهدته و
وقوفه عليه شخصياً؛ لأنّ هذا أقوى من العلم الذي حصل له من