منها- معتبرة السكوني المتقدمة ([1])،
حيث ورد فيها «و اشفع عند الإمام في غير الحدّ مع الرجوع من المشفوع له»؛ فإنّ هذه
الجملة بعد قوله: «لا يشفعنَّ أحد في حدّ إذا بلغ الإمام؛ فإنّه لا يملكه» تدلّ
بوضوح على أنّ وجه صحة الشفاعة عند الإمام في غير الحدّ أنّه يملكه، و الذي هو
عبارة اخرى عن أنّ الاختيار بيده و جواز العفو منه إذا رأى المصلحة فيه، و قيد «مع
الرجوع من المشفوع له» ليس راجعاً إلى حق العفو و الاختيار للإمام، بل إلى شفاعة
الشفيع، كما ذكرناه سابقاً، و أيضاً فإنّ هذا هو المتفاهم عرفاً منه بحسب مناسبة
الحكم و الموضوع، و لهذا ذكرته الرواية أيضاً في فقرتها الثانية في الشفاعة قبل
بلوغ الإمام، و الذي يعني الشفاعة عند صاحب الحق في حقوق الناس؛ حيث قيّد الشفاعة
بما إذا رأى من المشفوع له الندم، مع وضوح عدم قيديّته في حق العفو و قبول الشفاعة
ممّن له الحق كالمسروق منه بلحاظ حق الرفع إلى الحاكم و المجني عليه في القصاص،
فتدبّر جيداً.
و منها- معتبرة سلمة عن أبي عبد اللَّه عليه
السلام قال: «كان اسامة بن زيد يشفع في الشيء الذي لا حدّ فيه، فأُتي رسول اللَّه
صلى الله عليه و آله و سلم بإنسان قد وجب عليه حدّ فشفع له اسامة، فقال رسول
اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم: لا تشفع في حدّ» ([2]).
و هي أيضاً واضحة الدلالة على المطلوب كالرواية السابقة؛ لأنّ الإمام
عليه السلام و إن كان ينقل عن اسامة إلّا أنّ ذلك في مقام بيان الحكم، فيكون مفاد
إخباره عليه السلام أنّ الحكم الشرعي هو جواز الشفاعة في الشيء الذي لا حدّ فيه
دون ما فيه الحدّ، فيتمسك بإطلاقه في كلتا الفقرتين.
و دعوى: اختصاص النظر فيها إلى بيان عدم قبول
الشفاعة في الحدّ فقط دون