التعليل الذي ذكره صاحب الجواهر قدس سره
أشبه بالحكمة و علل الأحكام لا العلّة المصطلحة، إلّا أنّه يمكن أن يستفاد من مثل
هذه الكلمات ما أشرنا إليه في الوجهين السابقين من استظهار شرطية الإيلام و العذاب
بالمقدار المتعارف الذي تقتضيه طبيعة العقوبة الجسدية المقرّرة في الحد أو التعزير
و أنّ هذا هو المستفاد من أدلّة الحدود و التعزيرات و أنّها تعذيبات جسدية لهدف
الزجر و ردع المرتكب أو الآخرين عن ارتكاب تلك الجرائم، فيكون فهم الفقهاء شاهداً
لنا على صحّة الاستظهار المذكور.
قال في المبسوط: «فإذا تقرّر ما يقام بالسوط فالكلام في ثلاثة فصول:
صفة السوط و صفة الضرب و صفة المضروب. أمّا صفة السوط فسوط بين السوطين لا جديد
فيجرح، و لا خَلِق فلا يؤلم.
روي عن زيد بن أسلم أنّ رجلًا اعترف عند النبي عليه و آله السلام
بالزنا، فدعا له رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم بسوط، فأُتي بسوط مكسور،
فقال: «غير هذا، فأُتي بسوط جديد لم يقطع ثمرته، فقال: بين هذين. فأُتي بسوط قد
ركب به و لان، قال: فأمر به فجلد» هذا لفظ الحديث.
و عن عليّ عليه السلام أنّه قال: «ضرب بين ضربين، و سوط بين سوطين».
و أمّا صفة الضرب فإنّه ضرب بين ضربين لا شديداً فيقتل و لا ضعيفاً
فلا يردع، و لا يرفع له باعه فينزل من عل، و لا يخفض له ذراعه حتى لا يكون له ألم؛
لقول علي عليه السلام: «ضرب بين ضربين، و سوط بين سوطين». و روي عن عليّ عليه
السلام و ابن مسعود و غيرهما أنّهم قالوا: «لا يرفع يده في الضرب حتى يرى بياض
إبطه».
و أمّا صفة المضروب فإن كان رجلًا ضرب قائماً و يفرّق الضرب على جميع
بدنه، و لا يجرّد عن ثيابه؛ لأنّ النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم أمر بالضرب، و
لم يأمر بالتجريد.
و روى أصحابنا أنّ في الزنا يقام عليه الحدّ على الصفة التي وجد
عليها إن كان عرياناً فعرياناً و إن كان عليه ثيابه ضرب و عليه ثيابه، فإن كان
عليه ما يمنع ألم