و المرتكز عقلائياً في باب العقوبة
بالضرب و القطع و نحوهما أنّ المنظور فيها حيثيّة الإيذاء و الإيلام الجسدي لكي
يرتدع المرتكب و غيره و يؤدَّب نظير العذاب و العقوبة الاخروية أو التعذيب الذي
كان و لا يزال يمارسه السلاطين و الطغاة. و هذا يعني أنّ هناك قرينة لبّية
ارتكازية تصرف أدلّة الجلد و القطع و الرجم و نحوها إلى إرادة الإيلام و التعذيب
بها لا مجرّد أشكالها و صورها، فحتى إذا كان التعبير بالجلد أو القطع أو الضرب لا
العذاب و الإيذاء مع ذلك كنا نستفيد منه شرطية العذاب و الإيلام في مقام العقوبة
بمقتضى هذه القرينة النوعية و الفهم الارتكازي، فالمقدار المتعارف من الإيلام و
الإيذاء بحسب طبع هذه العقوبات مأخوذ في مفهومها عرفاً و ارتكازاً، و هذا ممّا لا
ينبغي التشكيك فيه.
البيان الثاني:
ما ورد في ألسنة العديد من الروايات المتعرّضة لكيفيّة بعض الحدود أو
التعزيرات ممّا يدلّ على اشتراط الإيلام و العذاب في العقوبات الجسدية.
ففي الباب (15) من أبواب حدّ الزنا المحصن ورد التعبير بأنّ «عذاب
الدنيا أهون من عذاب الآخرة» ([1]) في معتبرة أبي العباس، و في
مرسلة صفوان ورد:
المرجوم يفرّ من الحفيرة فيطلب؟ قال: «لا، و لا يعرض له إن كان أصابه
حجر واحد لم يطلب، فإن هرب قبل أن تصيبه الحجارة ردّ حتى يصيبه ألم العذاب» ([2]).
و في نقله الآخر «... و إن لم يكن أصابه ألم الحجارة ردّ» ([3]).
و في الباب (15) من أبواب حدّ القذف روايات عديدة تدلّ على أنّ الضرب
في الزنا أشدّ منه في شرب الخمر، و في الخمر أشدّ منه في القذف، و هو أشدّ منه في
[1] الوسائل 28: 102، ب
15، حدّ الزنا، ح 2. ط- مؤسسة آل البيت عليهم السلام.