إن وضع لفظ لمعنى يتوقف على تصور كل
منهما ، وذات الله سبحانه يستحيل تصورها ، لا ستحالة إحاطة الممكن بالواجب ، فيمتنع
وضع لفظ لها ، ولو قلنا بأن الواضع هو الله ـ وأنه لا يستحيل عليه أن يضع إسما
لذاته لانه محيط بها ـ لما كانت لهذا الوضع فائدة لاستحالة أن يستعمله المخلوق في
معناه فإن الاستعمال أيضا يتوقف على تصور المعنى كالوضع ، على أن هذا القول باطل
في نفسه.
قلت :
وضع اللفظ بإزاء المعنى يتوقف على تصوره
في الجملة ، ولو بالاشارة إليه ، وهذا أمر ممكن في الواجب وغيره ، والمستحيل هو
تصور الواجب بكنهه وحقيقته ، وهذا لا يعتبر في الوضع ولا في الاستعمال ، ولو اعتبر
ذلك لامتنع الوضع والاستعمال في الموجودات الممكنة التي لا تمكن الاحاطة بكنهها :
كالروح والملك والجن ، ومما لا يرتاب فيه أحد أنه يصح استعمال اسم الاشارة أو
الضمير ويقصد به الذات المقدسة ، فكذلك يمكن قصدها من اللفظ الموضوع لها ، وبما أن
الذات المقدسة مستجمعة لجميع صفات الكمال ، ولم يلحظ فيها ـ في مرحلة الوضع ـ جهة
من كمالاتها دون جهة صح أن يقال : لفظ الجلالة موضوع للذات المستجمعة لجميع صفات
الكمال.
إن قلت :
إن كلمة الله لو كانت علما شخصيا لم
يستقم معنى قوله عزاسمه :
وذلك لانها لو كانت علما لكانت الآية قد
أثبتت له المكان وهو محال ، فلا مناص من أن يكون معناه المعبود ، فيكون معنى الآية
: وهو المعبود في السماوات والارضين.