لا يرى فيه شيئا من مظاهر الاديان ، و لا يسمع شيئا من التبليغات الدينية فاذا بلغ سن الرشد و سألوه : هل انت تعتقد بوجود إله خلق الموجودات ؟ لا بد و أن يقول : نعم لأن عقل كل ذي عقل يحكم : أن كل مصنوع لا بد له من صانع ، و لا يمكن لبشر أن يخترع هذه الموجودات و يوجدها ، فلا بد من موجد و خالق و صانع غير هذه المخلوقات و هو اللّه تعالى .
و حيث ان الأنسان إذا ولد ينسى ذلك الميثاق و لا بد من تذكيره ، لا جرم أمر اللّه تعالى انبيائه ان يذكروا الناس تلك النعمة و هي المعرفة المنسية ، فيتذكرون بالفطرة الذاتية التي تقدم ذكرها ، كما قال تعالى : و لئن سألتهم من خلق السموات و الأرض ؟ ليقولن اللّه [ و يحتجوا عليهم بالتبليغ ] إذ لو لا الأنبياء لكان الحجة للناس على اللّه ، فكان لهم أن يقولوا يوم القيامة : لو لا أرسلت الينا رسولا فنتبع آياتك من قبل ان نذل و نخزى فلما بعث اللّه تعالى الأنبياء و المرسلين تمت الحجة للّه على الناس بعد التبليغ و الانذار و التبشير ليهلك من هلك عن بينة ، و يحيى من حيى عن بينة و لئلا يكون للناس على اللّه حجة بعد الرسل [ و يثيروا لهم دفائن العقول ] هذه كلمة قليلة اللفظ ، كثيرة المعنى إذ الانسان كما ورد في الحديث : [ الناس معادن كمعادن الذهب و الفضة ] يعني لكل انسان اهلية و قابلية و استعداد و لياقة بأن يبلغ مراتب الكمال سواء بأمور الدنيا أو الدين و الآخرة ، ففي الانسان إستعداد لأن يكون كاتبا و شاعرا و رياضيا فنيا ، و مهندسا و طبيبا و مخترعا و مكتشفا ، و ميكانيكيا و كل شيء ، و لكنه يضيّع ذلك الاستعداد و يميت تلك القابلية اذا لم يطلب العلم ،
كل إنسان يستطيع ان يصنع الطائرة و التلفزيون و الرادار و غير ذلك من عجائب الاختراعات ، يستطيع كل ذلك بالتمرين و التدريب و التعلم و الممارسة بالصناعة تدريجا ،
إذ هؤلاء المخترعون و المكتشفون في العالم لم يكونوا من الملائكة و لا من الجن ، بل